تعساً لبلدة حاكمها صخل، وقاضيها صخيل!


يجول خاطري بين طيات التأريخ وحكايا الماضي، باحثاً عن تفسير لأحداث الحاضر! فتارة أستذكر قصصاً من التأريخ، لأحداث تتطابق شخوصها، مع أشخاص أبتلينا بظهورهم على الساحة الاجتماعية والسياسية، بعد أن كانوا نكرات، لا هم في العير ولا في النفير!
يحكى أن بلدة تقع في أقصى بلاد العرب، مما يلي فارس، لتلك البلدة حاكم يدعى (صخل) وكان ذلك الحاكم يُعرف بالمكر والدهاء، وقد نصب ابنه (صخيل) قاضياً على البلدة، فإذا ما حدث أن إعترض أحدهم على الحاكم، أو كانت له مغرمة، أحاله الحاكم الى القاضي!
صادف في أحد الأيام، أن مرت إحدى قوافل التجارة بتلك البلدة، فشاهد الحاكم بضاعة أعجبته، فأرسل إليهم الشرطة، ليسلبوا تلك البضاعة من القافلة، عندها قرر التاجر أن يشتكي الى الحاكم! وكالعادة أحال الحاكم القضية الى (صخيل) القاضي!
القاضي بدوره كاد أن يحكم عليهم بالحبس، لتجنيهم على الشرطة! بعد ذلك خرجت القافلة من البلدة، هاربين بما تبقى من بضاعتهم، خوفاً من ضياعها، وهم يتهامسون قائلين: تعساً لبلدة حاكمها صخل، وقاضيها صخيل!
بالمناسبة: صخيل مصغر صخل، والصخل هو ذكر الماعز! كمثل شريك وشُريك. ولعل شريكاً هو الآخر يأخذ بنا الى إحدى زوايا التأريخ؛ فمن طريف ما يذكر ان شريكا بن الأعور دخل على معاوية، (وكان دميما )!
قال له معاوية: إنك لدميم، والجميل خير من الدميم، وإن أباك أعور، والصحيح خير من الأعور، فكيف سدت قومك؟! فقال له شريك: إنك معاوية، وما معاوية إلا كلبة عوت، وإنك لابن أمية، وما أمية إلا أمة صغرت. فكيف صرت أمير المؤمنين؟!
شاهدُ حديثنا، ما يجري في العراق، من تسنم بعض المناصب الحكومية من قبل أقارب الحاكم، من أبناءه وأصهاره وسواهم، بالرغم من عدم إمتلاك بعضهم، حتى شهادة المتوسطة، فنجدهم مدراء عامين، وأعضاء مجالس محلية، وحتى برلمانيين!
عندما يوكل الحاكم، مناصباً هامة لمثل هكذا شخوص، لا ينعكس ذلك الفعل السلبي، على أولئك الشخوص فقط، وإنما يكشف ذلك الفعل، عن مدى أهلية الحاكم نفسه، في تولي الحكم، فشبيه الشيء منجذب اليه، ولو لم يكن الحاكم مفسداً، لما فعل ذلك!