الشياطين مجهولين في الخيال معلومين في الأفعال

 

 

قد يبدو للبعض غريبا هذا العنوان الذي عَنْونتُ به المقالة ، ولكني سأتناول ذلك موضحا ما الذي دعاني لإختيار مثل هكذا عنوان ، ولماذا ؟

في الحقيقة أن الذي أثارني ومن دون سابقة استعداد أو تفكير بكتابة هذا الموضوع ، وما يحتويه ، لأني لا أريد أن أُدخِل الشياطين  ونواياهم  في رأسي ، ولا أريد أن تكون جمجمتي بؤرة للشياطين ، لأن الذي نعيشه في واقعنا المؤلم  اليوم ، وما يحيط  بنا من شياطين شتّى ، بمختلف  أنواعها وألوانها ومكرها وفنونها  وألاعيبها وبؤرها ومسمياتها البراقة والخداعة ، وأُولئك  المسخ الذين  يعلنون وبكل وقاحة وتخلف ، بُغضَهم للنور والمتنورين ، ولكل رمز أو مَعْلَمٍ حضاري . 

 وما نشاهده كل يوم ما يعانيه الإنسان والإنسانية من مآسي وظلم وقتل  وسبي وذبح وإرهاب على وجه المعمورة عامة وعراقنا وما يحيط  به خاصة يكفينا ، وكما يقول المثل الدارج ( يكفينا اللي فينا ) .

 

فالّذي دفعني وبشدة لكتابة هذا المقال ، وبهذا العنوان ، أنّي أرى بين الحين والآخر رسائل  عديدة  ومختلفة تصل بريدي الألكتروني ، وهي ليست موجهة لي بالذات ، وإنّما هي عامة ومرسلة الى مجموعة من العناوين التي حصل عليها المرسل ، وهذا يحصل للكثير من  الأخوات والأخوة الذين لهم صلة الكتابة في الصحف الألكترونية .

 

أعود للموضوع وكما قلت تصل بريدي الألكتروني رسائل عديدة ، ولا أهتم  للكثير منها  ولا أطالع مافيها ، وكما يقول العامة ( المكتوب إمبيّن من عنوانه )  ولكن مع ذلك إحيانا الفضول أو شيء ما يدفعك للتعرف على شيء ما حتى لو لم تكن لذلك الشيء أهمية ، وهذه الحالة قد يمر بها الكثير من الناس . 

 

 

 فمن  بين تلك الرسائل التي تصلني بين الحين والآخر كما قلت ، رسائل  باسم شخص لا أريد ذكر اسمه ، جلبت إنتباهي أو دفعني فضولي لأعرف ما فيها  لنشره  خبرا عاجلا  يخص عراقنا الحبيب وما تجري فيه  من أحداث مؤلمة  ،  فقرأت ما في الرسالة  ،  وحاولت التأكد من صحة الخبر من خلال الكوكول والصحف العراقية على إختلاف مصادرها وتوجهاتها ، فتبين أن الخبر كذب ولا صحة له  وليس له وجود ، بعد ذلك رحت أقرأ رسائل هذا الشخص ( النكرة ) فوجدت كل ما تحتويه هذه الرسائل كلمات وعبارات وأخبار ملفقة ، وأكاذيب وسب وشتم ، فهي تُزكم النفوس قبل الأنوف ، والأسوء من كل هذا هو يطعنك بخنجر حقده المسموم ، بسب العراقيين ، والدفاع عن الجرذان الأولين والآخرين والمعدومين والفارّين ، والّذين  أطالوا اللحى ، ولبسوا السواد فوق (الزيتوني)  وأخفوا وجوه الجريمة باللثام وادعوا الدين !

فهذا الشيطان المتلبس جلد الثعبان،   يتلوى ألما  ويفحُّ غضبا وحقدا  ، فيطل بضله لينفث  سمومه ، مُعبّراً  عن معاناته ومرضه بثرثرته التي هي تشبه ثرثرة المصاب بالحمى الشديدة ، فيتعالى فحيحه ويعربد ولا يعرف هو نفسه ماذا يقول .

وبما أن هذه الرسائل التي لا تعني شيئا ، أردت أن  أعرف من هو هذا الشخص الذي يبعث  كل هذه الرسائل ، فأدخلت إسمه الذي يرسل به رسائله للآخرين  في الكوكول فلم أجد له  إسما ولا صورة .وفي الحقيقة والواقع  لم تنحصر هذه المسألة عند هذا  الشخص فحسب ، وإنما هناك من يكتب ، ويلحق إسمه بالدكتور والأستاذ والباحث والخبير ، وينشر في مواقع وصحف معروفة وغير معروفة ، ويتفلسف بدناءته وحقده المدفوع الثمن ، على اشخاص أو جماعات أو على معتقدات ومقدسات الآخرين ، وبإسلوب ركيك وضعيف من ناحية اللغة والتعبير ، ومن ناحية الطرح الذي يبرهن على مستوى هذه النماذج الهابطة والمتطفلة على ما تعتاش عليه من تلك الجهات التي تستخدم مثل هذه النكرات الضالة في  ظلمات دناءتها ، والفاقدة الثقة بنفسها ، ففقدت الجرأة على كشف هويتها  للنور  ، فلم نسمع من بؤر ظلماتها ، سوى  العواء والنباح والقباع  والخوار والمأمأة  والنهيز والنحيق والشحيح والفحيح ، لتثبت بهذا حقيقة ما عندها ، وما يدل على هويتها .

عندها قلت لنفسي إنه لَحَقّاً وحقيقة أن الشياطين مجهولين في الخيال ، معلومين في الأفعال ، لأنه في الحقيقة والواقع  من منا رأى الشيطان رأي العين ، أو تصور شكله وهيئته ؟ وبالتأكيد أن هذا محال وضرب من الخيال . 

ولكن العقل النيّر هو الذي يكتشف الشياطين  ويُشخصهم من أفعالهم التي هي من سماتهم الأصيلة والمميزة لهم ، والتي تميّزهم عن غيرهم  .

وما أكثر الشياطين التي تحيط بنا اليوم ، وما تفعله من خراب ودمار وقتل وذبح ومفخخات وكواتم ، بالأضافة الى شياطين الفن والثقافة والفكر وما تنفثه من سموم مذهبية وطائفية وعرقية ، وإساءة  للأنسان والأنسانية ومقدسات الآخرين في فضاءات حرية التعبير المزعومة والمُصَنّعَة  في مصانع الحقد والبغض والتآمر العالمي الذي يديرها وينتجها الصهاينة الذين  لا يريدون للبشرية أن تعيش بأمن ومحبة وسلام .