كوّل ضد الفساد

وإن كانت شعوب الأرض كلها تفرح بفوز فرق بلدانها بكرة القدم، لكن فرح العراقيين يظل مختلفا من حيث الكم والنوع. بنا من الفرح المخنوق ما يهز الجبال لو انه انطلق. لكن من هو ذا الذي يعينه على الانطلاق؟ ومع ان الحزن والهم قد صبّ علينا صبا، وبفعل فاعل، لكن بعضه اشتريناه بأيدينا. ألم تقل أمهاتنا في أمثالهن: يا من شراله من حلاله علّه؟ كلما امر على وجه سياسي كالح، ذي لسان لا يعرف غير زرع اليأس في النفوس، أصب جام غضب لساني على الذي انتخبه وليس عليه.
في فرحة العراقيين بفوز فريقهم على إيران درس كبير للساسة وبالأخص رئيس الوزراء. نعم انه لم يمض عليه وقت طويل منذ نزل لساحة اللعب ضد المفسدين والجهلة الذين كادوا ان يجعلوا العراق حجرا على حجر ان لم يكن قد جعلوه كذلك بالفعل. مع ذلك ما زلنا ننتظر بشغف ان يسجل الكثير من الاهداف في مرمى "الأعداء" مثلما كانت عيوننا تفعل وهي تتطلع صوب يونس محمود ليدمعها من الفرح أول من أمس.
نحتاجك يا حيدر العبادي ان تبكينا من الفرح على الذين ضيعوا ثلث العراق أرضا وثلاثة أرباع ميزانياته نهبا. كوّل يا ريّس، فقد سئمنا الخسارات وكرهنا التعادل. أجمل الأهداف وأكثرها ضمانا عندما تأتي في الوقت الأصلي للمباراة وها أنت ما زلت في الشوط الأول. رحمة على والديك لا تنتظر الوقت الإضافي أو تراهن على ركلات الجزاء. والله كادت قلوبنا ان تتوقف عند آخر ركلة عراقية في مباراتنا الأخيرة. نعترف لك بأنك تلعب بمهارة أفضل من الذين سبقوك. ونعلم أيضا أنك وحدك في الهجوم وفي الدفاع وفي حماية الهدف العراقي الذي تمزقت شبكته بفعل أخطاء الذين أتوا من قبلك.
نعم ان الأمر ليس كله في يدك فالبلد فيه برلمان وسلطة قضائية يتحكمان فيه أيضا. ولا تظن أننا نريدك ان تكون مستبدا أو حاكما أوحدَ فنوهمك كما أوهم غيرنا الذي من قبلك. لكنها دعوة مخلصة بأن تغير خططك وتستبدل لاعبي فريقك الذين كشفت الأيام نقص خبرتهم وضعف درجة إخلاصهم وحماستهم.
ثق لو أنك سجلت ولو هدفا واحدا نظيفا في مرمى الفريق "المتكرش" بالفساد أولا، فستجد الطريق سالكا نحو الفوز بمباراتنا النهائية ضد الدواعش. تذكر أن لا شيء في هذه الدنيا أجمل من صورة شعب كان مظلوما فانتصر.