"دماء لن تجف" موسوعة شهداء العراق الحلقة الثامنة عشرة بداع عجيل صايل
 
{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة "دماء لن تجف" في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
 
القاضي منير حداد
يقول المثل الدارج: "حدث العاقل بما لا يعقل، فإن صدق فلا عقل له" ولا إنسان في الدنيا يصدق، ان مواطنا يعدم.. شنقا، حتى الموت؛ لأنه إصطاد أسماكا، في جزء من نهر الفرات مخصص لهم!
فمن هم؟
إنهم القتلة الذين صنعهم الطاغية المقبور صدام حسين، ليضيقوا على العراقيين، ارض الرافدين بما رحبت.. رجال يستقوون على الضعيف، ويستخذون أمام القوي.
وبداع عجيل صايل، من أهل الانبار.. أما وأبا وقبيلة وسكنا، ولد في العام 1962، وإستشهد بتاريخ 1992، وله من العمر 30 عاما، بموجب القرار، ذي الرقم 106 / 15.
 
سمك
والشهيد صايل، متزوج.. يعمل كاسبا، يحمل شهادة الدراسة الابتدائية، إعتقل لأنه يصطاد سمكا، في موضع من نهر الفرات، إتخذه صدام وجلاوزته مرفأ رفاه شخصي لهم.. يستجمون فيه.. ترفاً؛ بعد أن أغلقت ملاهي العالم أبوابها دونهم، محاصرين، ورؤوسهم مطلوبة دوليا؛ جراء سوء أعماله، التي فاقت التصور عدوانا على المسالمين، الى حد غزو دولة الكويت الشقيقة.
إستشهد شنقاً حتى الموت، من قبل جهاز الامن الخاص، المكلف بتأمين الحماية للديكتاتور من الهواء الطائر.. "فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد؟ وجئنا بك على هؤلاء شهيدا؟".
 
قراقوش
لا أدري هل خجل القاضي الذي نطق بالحكم، من تسبيبه!؟ أم أنه أقدم على الانتحار قضائيا، بقانون "قراقوش" يستعيره من قرون ظلم غابرة، ليطبقه، على زمن صدام حسين الفظيع، متجرعا كأس السم، لقتل ضميره، كقاضٍ؛ خشية من جبروت صدام، او طمعا بمغانمه.. المكرمات.
أدم الشهيد صايل، شنقا حتى الموت، إستجابة من المحكمة لدعوى تقدم بها جهاز الامن الخاص بحماية الطاغية، بعد إعتقاله في هاليز سجون "الجهاز".
رفعت الشكوى، وجيء به مخفورا معها مغلولا بالكلبجات، الى محكمة صورية، اريد بها لعبة "بيت ابو بيوت" التي يمارسها الصبيان، في الحواري، ولها قوانين تلتف على المنطق، مثل "دخول منطقة محظورة، تعرض سلامة الرئيس للخطر"!
 
هوس
هذا الجور، يدل على ان صداماً، لم يكن سني الهوى، قدر ما كان مهووسا بذاته، ولو على حساب، حياة أناس لم يداهموا كرسيه، لكنه قلق على وجوده بجبن يجعله يشعر بالأمان، كلما إستعرض قوته، بسجن وقتل المزيد من البشر..
شنق بداع عجيل صايل، لم ينه تداعيات القضية، فقد تسلمته عشيرته، وألزمت بالسرية، من دون ممارسة الاداءات المشرعة في تقاليدنا العراقية.. عراضة وبيارق للعشيرة والعشائر المتحالفة معها او المجاملة لها، تسير وراء الجنازة.
كل هذه التقاليد، وحقوق الموت الكريم، حجبت عن جثمان بداع؛ لأنه إصطاد من مياه محتكرة، في نهر الفرات، على صدام وجلاوزته.
 
بياض
أليس الامر مدعاة للسخرية، من شخص صدام وقدر العراقيين، في ذات الاوان!؟
لم يكن صايل جنوبيا شيعيا ولا شماليا كرديا، انما من أهالي الانبار.. المنطقة الغربية المحسوبة على صدام وصدام محسوب عليها، والتي أسماها.. بعد إنتفاضة آذار الشعبانية، بـ "المحافظة البيضاء".
بيضاء بقياساته، وبطش بأهلها، بدءا بمحمد مظلوم وليس انتهاء ببداع، فكيف بالجنوب والشمال وهما وفق توجسه المستريب، يعدان حمراوين وسوداوين وصفراوين، يقطران سما ضده! ماذا فعل بهما، طوال تسلطه على الرقاب، وكم جار عليهما، الى أن تهاوى عرشه المشيد بالجماجم والدم، في 9 نيسان 2003، الى جهنم وبئس المصير.. غير مأسوف عليه.
الرحمة للشهيد بداع عجيل صايل، الذي ترك عائلة من بعده، برعاية ربٍ كريم، ولسان حالهم يشكو الى البارئ، من ظلم الانسان لأخيه الانسان، إذا تمكن منه