اليس بامكان امريكا ان توقف سفك الدماء في كوردستان ولم تفعل ؟


ان العلاقة الاستراتيجية التي تربط امريكا باقليم كوردستان العراق منذ اسقاطهم للنظام البعثي العراقي، و مدى التقارب الذي حصل بينهما، يدلنا علنا على التعاون المشترك و التفاهم في كثير من النواحي ومنها السياسية بشكل خاص .
ان كان العراق المركزي طلب بمغادة القوات الامريكية العراق و دون رضا اقليم كوردستان و ان كانت السلطة في العراق ناورت بين ايران و امريكا، فان كوردستان قد اصرت على العلاقة الجيدة و نفذت كل ما راقت لامريكا و مصالحها في العراق و المنطقة، على العكس من اقرب حلفاء امريكا و هي تركيا العضو في حلف ناتو . و لولا المواقف الكوردية لم تتمكن امريكا من تحقيق مهامات كثيرة في المنطقة و العراق بشكل خاص .
ليست هناك عاطفة في تسيير الامور السياسية و كلنا مفرغون من هذه البديهية، و لكن اليس لكوردستان الموقع و الثقل اللازم الذي يمكنها من ان تفرض نفسها على جانب من القرارات الامريكية ؟
لا يعلم احد من اين تاسس داعش بشكل دقيق و من وراءه، اهو تنظيم تابع او اصيل و نابع من رحم الفكر و العقيدة العربية ام دخيل عليه، و على الرغم من مليء التاريخ الاسلامي من ما ياتمر به داعش اليوم، و ينفذ اوامره وفق ما جاء في الكتاب المقدس للاسلام و السنة النبوية و ما حصل في التاريخ الاسلامي .
اليوم بامكان القوات الدولية و بالاخص امريكا ان تفعل الكثير لو كانت الانسانية من صلب عقائدها و اهتماماتها الاستراتيجية و من اولوياتها، الا انها تدعي الانسانية و الحرية و الديموقراطية و تفعل ما ليس لها علاقة باي من تلك القيم التي تعلنها . في خضم سياساتها و تدخلاتها تستعين بابخس الطرق لتحقيق اهدافها العامة . اليوم و من منظور ما نؤمن به و من المنطق ان نقول ان امريكا و لوحدها مسؤلة امام ما يحصل في المنطقة و ما تسفك الدماء على يد داعش، لان لها القدرة على انهاء ما يجري في وقت قياسي و لكنها تربطها باهداف و توجهات سياسية بحتة بعيدة عن ذرة من الانسانية .
بعد كل ما حصل من التضحيات و الاعانة التي ابدتها كوردستان لامريكا، اليس من حق المواطن الكوردي ان يسال، اليس بامكان امريكا ان تضع حدا لكل تلك الدماء التي تسفك على يد داعش، وباتباع استراتيجية مهمة و ترد الجميل الذي على عنقها من ما قامت به كوردستان و ضحت بخيرة ابناءها نتيجة تحالفها معها و من اجلها . ام ان السياسية الامريكية تعرف المنطق بما لصالجها و تنكر المنطق لما ضد ها، وهي بعيدة عن العاطفة و الخيال و القيم التي يؤمن به الشعب الكرودي و الشرقي بشكل عام، فالسياسة الامريكية نابعة من المصالح الاستراتيجة لشعبها، و هذا عين العقل و لم يكن للكورد ما يمكنهم ليفعلوا وفق هذا السلوك و النظرة الى الاخر و بالاستناد على الضرورات، وهي السياسة الصحيحة و ما يمكنك ان تفرض نفسك دون استجداء او عاطفة او صدقة من احد كما تفرضه سياسة العصر و البراغماتية التي تتبعه كل بلدان العالم في سياساتهم الخارجية .
كان بامكان امريكا ان تدع الكورد خارج اهداف داعش و تؤمن لهم المنطقة الامنة و تحافظ على حدودهم لو كانت تقصد ذلك و يكون في حساباتها، الا انها و و فق ما اندفعت اليه من تحقيق اهداف عامة فاستغلت مجيء داعش، و ليس في صلب خططهم تجزئة القضية و لم يلتفتوا الى من كان معهم الا في حدود ضيقة ، و عليه ربما كان سقوط اربيل خط احمر لارستراتيجية امريكا الخاصة و الا انها كانت تتركها ان تسقط مهما كانت النتيجة، وما نتاكد منه يوما بعد اخر، ان تامين مستقبل الكورد بعيدا عن المركز العراقي لم تفكر فيه امريكا و لم تقترب منه لحد اليوم، و الا لكان باستطاعة امريكا ان تضمن امان كوردستان و تمنع سفك دماء ابناءها اكثر مما حصل و كان بمقدورها ان تضمن مستقبل الكورد في هذه اللحظات التاريخية المؤثرة و الفرص السانحة .
الاحلام الوردية التي تحلم بها القيادة الكوردية حول امريكا لم توصلهم الى شاطيء الامان و لم يعتبروا من عهد كيسنجر و زمانه و كيف باعهم بسياساته الامريكية الصرفة، و قلة التجربة و البدائية في السياسة للقيادة الكوردية هي العرقلة الكبيرة لفهم ما تسير عليه امريكا و ما يتوافق مع اهداف كوردستان . و اليوم ربما خوف االكثيرين من اعادة التاريخ في محله في هذه المرحلة بعد ان لاحظ الجميع بان امركيا لا تتحرك وفق الواقع الذي وقع فيه العراق و لم تلمس ما ينقذه في سياساتها ازائه، و انها على عكس ما موجود على ارض الواقع تفضل وحدتها القسرية التي سار عليها العراق دون ارادة شعبه لمدة اكثر من تسع عقود مضت .
اننا في الوقت الذي لا نؤمن بسياسات امريكا الانسانية ازاء العالم، في الوقت ذاته نامل ان تتوحد القيادة الكوردية و تضع جانبا الصراعات الحزبية و المصالح الحزبية و الكتلوية والشخصية الضيقة و ان تبتعد عن الاستناد على القوة الخارجية بشكل مطلق . عندئذ يمكن ان تلقى كوردستان التعاون و العلاقات الملائمة لضمان مصير اجيالها المستقبلي و ليس استجداءا من حتى اكبر قوة في العالم، فالمصالح المشتركة هي القوة لاكبر او اصغر مكون او دولة مهما كان تاريحها