موت الضمائر ليس من الكبائر

جلس الرجل في مكانه المعتاد ليمارس هوايته اليوميه بالادلاء بأراءه المتعدده التي لاتترك شاردة ولا وارده دون أن يكون له فيها رأي يعتقد أنه في قمة الصواب , وعلى الرغم من أنه لم يدخل مدرسه دينيه ولم يُكمل تعليمه في المدرسه الابتدائيه وليس ممن عُرفوا بالتقوى والورع , إلا انه قرر ان يخوض في موضوع (الكبائر) , تحدث كما يحلو له وأسمع من حوله ما حضر على لسانه بخلطه عجيبه غريبه كان ينتقل فيها من موضوع الى أخر دون أن يُكمِل فكره , بل أن بعض الجمل التي تفوه بها لم تكتمل , مع هذا فقد كان مُصِرا على إتمام الوقت المحدد لمحاضرته المجانيه الممتده زمنيا بين (السلام عليكم) و(في أمان الله) دون أن يكون لمجالسيه نصيب يُذكر حتى على سبيل التداخل أو التأييد , فقد كان حريصا على ان لايترك لسواه أي فسحه ... ديدنه الذي استمر عليه لأيام حتى جاء (اليوم ألأسود) -على حد تعبيره – حين حضر مجلسه المختصر ذلك الشخص الذي أثاره بأسئلة لاقِبلَ له بالاجابة عليها , ولا يعرف كيف استطاع ذلك (الدخيل) أن يفرض نفسه عليه يقاطعه مبتسما بهدوء , يسخر من بعض أجاباته بتهكمٍ واضح , ويُكرر عليه ألاسئله عن (الكبائر) .
ما أحسه من (خبث) تلك الاستفسارات لم يجعله يتراجع قيد أنمله عن طريقته المعتاده في إلقاء ما يعن على باله بثقة ما فوقها ثقه , لكن مالاحظه من انعطاف إعجاب جلاسه نحو ألأخر أشعره بغيظ , تساءل في سره عمن جاء به للمجلس اليومي الذي يسوق فيه بضاعته بيسر , راودته شكوك في ان أحدهم قد دعاه بقصد خبيث لغرض تسفيه أراءه , لكنه تراجع بعد أن إستعرض مدمني مجالسته , إذ لايوجد بينهم من يرتبط بعلاقة ما مع شخص مثله , عاد ثانية يُقَلب بذاكرته باحثا عن سبب ما لمجيئ الرجل في ذلك اليوم , المسأله ليست سهله , فحضوره أفسد عليه متعته اليوميه بتسويق بضاعته على تلك المجموعه وإن لم يتمكن بوسيلة ما أن يُعيد ثقتهم به فسيفقد (جمهوره) , وهنا عَنَتْ له فكرة (التسقيط) , نعم ليس هناك من وسيلة لتسفيهه والنيل منه بغير هز صورته أمام قططه (المغمضه) , عليه أن يُشوه سمعته بالصاق أي سيئة به حتى لو إفتعلها , وبما انه لايعرف عن خلفياته شيئا , وبما أن الموقف لايحتمل التأخير , فماعليه إلا إقناعهم بأنه شيطان تلبس صورة إنسان , إعترض أحدهم قائلا : إنه ليس شيطان بل هو شخص من سكان مدينتهم وقد عرفه من خلال عمله في بناء بيته وقد جاء الى مجلسهم بناء على اتصال تم بينهما لغرض الاتفاق على عمل في اليوم التالي وقد عرف عنه احترامه للناس وثقته بهم حتى أنه كان يتركنا نعمل بدون رقابه ويذهب لدائرته بعد تهيأة مُتطلبات العمل . 
إستشاط (أبو العريف) غيضا مما سمع وقال لمحدثه : (لابارك الله بيك مالكيتلك واحد تشتغل عنده غير هالمنعول الوالدين المايعرف الله)!!!.