ميسر السعدي "أم محمد " ..فاضلة بحجم الوطن

 

الفاضلة  ميسر السعدي "أم محمد"،لمن لا يعرفها لا جئة فلسطينية ، دفعت ثمن المؤامرة العالمية الكبرى على فلسطين وشعبها، وإستقرت في الأردن ، مؤمنة بوحدة الأرض والشعب والمصير  ، والعدو المشترك  في نفس الوقت ،لأن من له أطماع في فلسطين ،لا يمكن إلا أن يكون قد أضمر شرا للأردن أيضا.

"أم محمد " لم تستسلم لقدرها ، وتركن  لتندب الحظ  ، وربما تسمح لدموعها بالإنهمار على خديها ، تعبيرا عن العجز ، بل نهضت  وصممت على إستخدام سلاح   ، لن  تقوى   أي قوة مهما كانت عاتية على نزعه منها ، وهو الإرادة  وحب الخير  من أجل الجميع ، وهذا سر قوتها ونجاحها .

إشتقت  الفاضلة "أم محمد " طريق الحياة، بعيدا عن المجتمع المخملي ،بل فهمت الحياة كفاحا من أجل الآخرين ، وجعلت من نفسها شمعة ، تنير دروب الآخرين المهمشين ، ونجحت في إحداث نقلة نوعية في حياتهم ، وأعني بذلك الأسر  المهمشة  التي لم تجد من  يعمل على تحسين ظروفها، ومشروع  إزدهار يشهد على ذلك.

عانت  "أم محمد " كثيرا في حياتها ، لكن عزيمتها لم تثبط ، وشعلة إيمانها لم تخفت أو تنطفيء ، بحجة أن المجتمع ظالم لا يستحق ، بل صنعت  سعادة  لمن كان بالأمس محروما من لذة الحياة والعيش الكريم، وجعلت من الفقر في هذا الوطن ،منطلقا  لإعلان الحرب عليه .

إرتقت الفاضلة "ام محمد " إلى مستوى العالمية ، ليس من خلال تزكية  منظمات دولية هدامة ، كما هو حاصل  في هذه الأيام، بل من خلال جهدها التنموي المشهود له ، وجرى تكريمها  في الأمم المتحدة من قبل أمينها العام السابق كوفي أنان.

لم توظف  الفاضلة "أم محمد " هذا التكريم ، وتكتفي بهذه المحطة ، وتفتتح لها صالونا  تجمع فيه نساء المجتمع  المخملي المرفهات ، لكنها تمنطقت بالصدق والمحبة والعمل بكل الشفافية المعهودة ، من أجل إدخال البهجة والسعادة في نفوس المهمشات في  المجتمع الأردني الذي  أنهكته سياسات الحكومات المتعاقبة ، والمديونية التي  وصلت إلى أرقام فلكية ، والفساد المستشري في كل مكان ،  وعدم المساواة ، وكان آخر مآسيه في عهد  حكومة الرفع الحالية التي رفعت أسعار المحروقات والكهرباء في وقت يشهد فيه سعر البترول  إنخفاضا حادا ، أجبر الجميع على تخفيض أسعار الطاقة ، لكن حكومتنا العتيدة مصرة على الرفع ،  تنفيذا لأوامر البنك وصندوق النقد الدوليين اللذين ما وطئت أقدام مسؤوليهما أرضا إلا وأشعلت النار فيها.

لم تنغلق الفاضلة "أم محمد " في عملها الخيّر ،على بنات  ونساء المخيمات  الفلسطينية في الأردن ، ولم تعلن نفسها  متلقية لمنح دولية لا يعلم سوى الله وحده ، مصير هذه المنح كما نسمع منذ فترة ، كونها لا جئة وتريد أن ترسم نفسها على نساء المخيمات ، بل وضعت بصمتها الناصعة بياضا على كافة أرجاء الوطن  ، من الأغوار والسلط حتى  معان والكرك وكافة المحافظات ، مسجلة بذلك أعلى مراتب المواطنة الحقة ،  التي نفتقدهاهذه الأيام من كافة المسؤولين الذين لا يعملون إلى لمصالحهم  الشخصية  ، وتوريث أبنائهم  وتحقيق المكتسبات لهم،على حساب الغلابى وما أكثرهم في الوطن المنكوب بمسؤوليه  ، الذين لم يتم تعيينهم  وفقا  لمبدأ الكفاءة بل لإعتبارات أخرى نمقتها جميعا .

كانت رسالة  الفاضلة "أم محمد " في عملها الخيري المستدام ،لا شرقية ولاغربية، بل حال واحد لا يفرق بين   قطبي الرحى ،وهذا هو الصدق بعينه.