فريضتنا الغائبه

خطبة الجمعة أصبحت منبراً مهماً جداً عربياً وإسلامياً ، خصوصاً بعد ما تبين أن مقتضيات الصراع المحلي والإقليمي باتت المذاهب أيدلوجيات سياسيه أحد وأهم أدوات الصراع الإقليمي والدولي منذ الثورة الايرانيه 1989 وصولاً إلى قضية تشارلي في باريس مؤخراً .

كما إن المذهب الجعفري في بعض اجتهاداته لم يكن لخطبه الجمعه أي ذكر لها باعتبار أن الحاكم غير شرعي أنذاك وقد باشرها عكس هذا التيار الأمام الصدر الثاني . وبذلك شغلت خطبه الجمعه للمذهبين السني والشيعي حيزاً واسعاً في العمليه السياسيه أن لم نقل العسكريه منها أيضاً في التعبئه على الأقل كما أنه لا توجد وسيله غيرها أي خطبة الجمعه لمعرفه الموقف المذهبي سياسياً .

وبالنظر لهذا التدخل الديني في السياسه من أوسع أبوابها واهمها باتت خطرة جداً تساهم مباشرة في القرار السياسي . في حين خطبه الجمعه بيان أخلاقي قبل كل شئ وليس تحليلات سياسيه في شرح مثلاً الفوضى الخلاقه كسياسة لليمن الأمريكي ( كما يذكر المفكر العراقي غالب الشابندر في مقاله عن خطبه الجمعه ليوم 28/1/2015 ) ويستطرد المفكر الشابندر (فيما هناك بيوت على مقربه من الخطيب بات أطفالهم جياع ) .

في حين يعلم أغلبنا أن السبب لأول حرب بين المسلمين كانت ( حروب الرده ) وسببها كما معلوم هو الامتناع عن دفع الزكاة رغم وجود منافقين في ذلك الوقت الذين تناولهم القرآن الكريم بمناسبات مختلفه كان يتوجب محاربتهم أو اعداء قريبين مثل الروم أو الفرس .

ولعل متسائل يسأل الان لماذا لم يقاتل على الزكاة منذ أن انتهت حروب الرده ؟

وكان ما كان عن عدم دفع زكاة الاموال من تفاوت طبقياً أصبح في المجتمع الإسلامي كأنه ليس هدفاً لحاكم للقضاء عليه أن يشرعن بأسم الدين ب ( القناعه كنز ، والقسمه والنصيب وهكذا) لغرض تغطيه ممتنع الزكاة الذي أصبح ثرياً بماله ونفوذه ، بحيث أصبح الفقر لا يستفز الكثير من عليه القوم أو اوسطهم وكانه من طبيعه الأشياء .

وفي حالة عدم دفع الزكاة وغيرها من الصدقات تفاقم الفقر رغم أنهم عيال الله ولا سلطه دنيويه عليهم تجبرهم الا من خلال الدوله التي تسيمها ضرائب دخل وهي مختلفه كلياً عن الزكاة من حيث وعائها واهدافها واساليب الجبايه.

وكما معلوم أيضاً أن القنوات التي تصب فيها أموال الزكاة لم تلمس نتائجها في أي من المذاهب في معالجة ( فقر أو مرض أو جهل ) ما عدا بعض المؤسسات الخيريه التي تعمل خارج ثلاثي التخلف نظراً أما لشحتها أو عدم شفافيه ووضوح أوجه الصرف واوجه الموارد . نتيجه لعدم وجود نظام دقيق أو غياب الضغط الشرعي المنظم .

وبذلك أصبحت الزكاة فرضاً غائباً رغم خطورتها شرعياً وأصبحت لها بدائل لا علاقه لها ( بمرض أو فقر أو جهل ) بشكل مؤسسي يشار له بالبنان . كونها أما تركز على الجهاد أولاً أو الذود عن المذهب .

وهذا لا يقتصر على الزكاة بل جميع الصدقات أو الاخماس وغيرها من أوجه الانفاق (الفرض الثالث) الذي يسبق الفرض الخامس وهو الجهاد . وكأنه لا جهاد قبل الزكاة التي تشبع البطون أولاً .

وهذا الانحراف عن الزكاة واخواتها أدى لاستخدام غيرها من الأدوات المذهبيه لتأجيج الصراع الداخلي والخارجي كنتيجة لتفاقم ( الفقر والمرض والجهل ) ويتم الاستثمار بهذا الثلاثي ليصبحوا جنود مجهولين بيد داعش وغيرها التي مولت بأموال كان المفروض أن تذهب للمساكين والفقراء ولكن العاملين عليها يبدو آكلو حصة الأسد من الزكاة وغيرها بدون معرفة مصادرهم كايراد واوجه الصرف بشفافيه لتطمئن القلوب ، بدلاً الخوض في تحليل السياسات والاقتصادات والعلوم الصرفه حيث هي أي أيضاً لها أهلها .

ختاماً لا بد من مأسسة المؤسسات الدينية ووضع نظام لها بحيث تكون عموداً اساسياً في المجتمع المدني . ولنا في تجربة الوقفين السني والشيعي من تجربة بائسه عندما أصبحتا جزء من الدوله ورمزاً شئنا أم أبينا لمذهبيه مقيته لا تخلو من شبهات كما تقول النزاهه وغيرها .

وتعود الزكاة والصدقات فرضاً يفرض نفسه رغم جميع المدعين والناطقين بمسميات شتى ومعيارها فقط محاربه مبرمجه للفقر المدقع والمرض والأميه . وتفعيل الفريضه الثالثه ( الزكاة ) بات علاجاً سياسياً واقتصادياً وشرعياً ضامناً لوحدة الامه من تمزقات أيدلوجيه سميت مذهبيه لمنافع ما أنزل الله بها من سلطان .

ونهتف عالياً باهزوجه عراقيه ( حل فرض الثالث كوموله )