هل من طريق آخر مع (داعش)؟

يبدو ان الخروقات الأمنيه واجواء العمليات العسكريه والقتاليه ستبقى مخيمة على حياة العراقيين وليس هناك امل حقيقي بالخلاص منها ، فبعد حوالي خمسة اشهر على حكومة السيد العبادي لم نلاحظ اي مبادرات سياسيه جديه وحقيقه لحل مشاكلنا المتفاقمه بدمويتها منذ اكثر من عشر سنوات .
ماذا في المشهد الان ؟ ، في المشهد التركيز على العمليات العسكريه والتحشيدات على خطوط المواجهة مع (داعش) ، في المشهد خروقات امنيه وانفجارات وعمليات انتحاريه وعبوات ناسفه ، في المشهد هناك حرب استنزاف للدماء وللاموال ، دماء واموال قوى الحكومه والجيش والحشد الشعبي (الشيعيه ) من جهة ومن الجهة الثانيه ايضا دماء وتدمير للقرى والمدن (السنيه) التي هي الحاضنه ل(داعش) ، وعلى مايبدو ان هذه المشهد سيزداد دمويتا وقتامه مع ازدياد الحصارعلى (داعش) واصرار الحكومه على خيار الحسم العسكري .
لقد استلم السيد العبادي حكومه مليئه بجيوب الفساد المستحكم والأخفاقات الأمنيه والهزائم العسكريه والتوتر مع الدول الأقليميه ، ويشهد للسيد العبادي نشاطه لاعادة الهيكله ومحاربة الفساد وبالأخص بالمؤسسه العسكريه ، وكذلك محاولات تطوير اداء القوى الأمنيه وبلأخص في العاصمه بغداد وهناك خطوات ومحاولات حثيثه وجاده لتحسين العلاقات مع الدول الأقليميه مثل خطوات التقارب مع تركيا والسعوديه ومصر والامارات .
كل هذه الأمور تحسب كايجابيات لحكومة السيد العبادي بلا شك ، ولكن الخطوه الأهم من كل هذه الخطوات هي - اعتماد مقاربه وخطوات سياسيه حقيقيه باتجاه التمرد السني المتفاقم ، وللاسف لم تقم حكومة السيد العبادي - وهو أمر كان منتظرا منها - بخطوات جاده للمصالحه الوطنيه – أو سمها ماشئت - وفتح قنوات حوارومحاولة ازالة الأسباب الحقيقيه لهذا التمرد .
ان محاولة تبسيط مايجري في ( المحافظات الغربيه) على انه "ارهاب يقوده بعثيون من ضباط الجيش وأمن ومخابرات النظام السابق مدعومون من مخابرات دول اقليميه لاتريد للتجربه العراقيه الديمقراطيه ان تنجح ومن ثم اتحدت معهم قوى - داعش - الظلاميه التي عبرت الحدود واحتلت هذه الأراضي واصبح ابناء وعشائرهذه المحافظات رهينه بيدهم " هو تفسير ساذج وغير واقعي وهو كلام للأستهلاك الاعلامي .
من غير الممكن ان يقوم انسان بعمليه انتحاريه لانه ضابط مخابرات سابق ، ومن غير الممكن ان يقبل بشر بالتعاون مع غرباء أجانب لتشريد عائلته وايتام ابنائه وتركهم للمجهول لانه بعثي سابق ، وهل من المعقول ان يسعى ابن عشيره او قريه لتدمير قريته وهلاك النسل والضرع وجعلها ساحة حرب وافناء ابناء عشيرته واهله لانه فقط مدعوم من قوى اقليميه لا تريد لتجربة العراقيه الديمقراطيه العتيده ان تنجح .
في هذه المواجهة أكثر الدماء التي تراق من الطرفين هي عراقيه والأموال التي تحرقها نار الحرب هي عراقيه والألم والدمار وأرامل وأيتام الحرب هم عراقيون ، لابد لحكومة السيد العبادي المتصديه للموقف السياسي ان تبدأ خطوات جاده وحقيقيه لانهاء هذه المواجهة سياسيا وسلميا ، ويجب وضع قدرات فعاله ومؤثره من السياسه والأعلام في هذه الخطوات ولابد من فهم الأسباب الحقيقيه والعميقه لهذا التمرد ومحاولت ازالتها بشكل جدي وحاسم ونهائي حتى لايعاد انتاجها وتوليدها بصور مختلفه ومتجدده .
هذا المهمه سوف لن تكون سهله وقد تأخذ وقتا ليس بالقصير ولكنها ايضا ليست مستحيله ولا بد من نقطة بداية ما ، يجب على حكومة السيد العبادي عمل كل ما بوسعها لحقن دماء العراقيين ، الا يكفي هذا الشعب خمسون عاما من الخوف والدماء؟