كل مؤشرات السياسة الأميركية نحو الشرق الأوسط تدل على تغير كبير في الموقف. لاحظوا أن كل تجاربهم السابقة في أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا باءت بالفشل. وكذا كان الأمر مع مخططاتهم السابقة في أيام الحرب الباردة. نظرية آيزنهاور لحل المشكلة الفلسطينية، وحلف الشرق الأوسط وحلف بغداد وتسوية حرب السويس لعام 1956، صداقتهم مع ناصر. كلها فشلت وقابلها العرب بالرفض والانقلاب عليها. يظهر أنهم ملوا من هذه السلبية في مواقفنا. لاحظوا مؤخرا أن الكتلة السنية منقسمة على نفسها. سوريا وليبيا خير مثال. هناك المعارضة و«داعش» و«النصرة» ولا أدري من بعد. قل مثل ذلك عن ليبيا. وحتى الآن لم يستطع السُنة في العراق تشكيل حزب أو منظمة واحدة تمثلهم. أضاعوا العراق بمنازعاتهم وها هم يضيعون العالم العربي الآن. ولم تفتقر فلسطين لانقسام مشابه بين أهل الضفة وأهل غزة. أكثر من ذلك، لاحظوا أن الإرهاب الإسلاموي الذي أصبح يشغل الغربيين أغلب قواه ومصادره سنية ويعتمد على اجتهادات وتمويلات سنية. لاح لواشنطن أن الأوان قد آن لتغيير حصان العربة. وجدوا حصانا جاهزا للكراء في طهران. لاحظوا نجاحاته في المنطقة. المصادر الأميركية مشغولة اليوم في التعبير عن فاعليته وجدواه. وكما سمعنا وقرأنا، صدرت شتى التعليقات الإيجابية حتى من الرئيس أوباما في هذا الاتجاه. وتزامن ذلك مع التصريحات التي صدرت في طهران من الرئيس حسن روحاني في الاعتزاز بما حققته إيران في العراق وسوريا ولبنان واليمن ونجاحاتها في محاربة الإرهاب وإقامة السلم والاستقرار في المنطقة! في عين الوقت مدت واشنطن أياديها لـ«الإخوان المسلمين» في مصر بعد ترويضهم في احترام مصالح إسرائيل ومشيئتها. التاريخ يعيد نفسه. أمام هذه التحولات، قام فلاديمير بوتين بزيارة للقاهرة ذكرتنا فورا بزيارة خروشوف إليها في أيام عبد الناصر. جرى ذلك في الوقت الذي دخلت فيه موسكو في مواجهة عنيفة ضد الغرب ذكرتنا بأيام الحرب الباردة. فانطوت زيارة بوتين على تحدٍ جديد لواشنطن. ها نحن نعود للمنطقة ونحل محلكم. تمخضت الزيارة عن شتى الاتفاقيات التجارية والعسكرية تضمنت إقامة منطقة تجارة حرة مصرية روسية وإقامة محطة نووية في الضبعة وميناء للأسطول الروسي في الإسكندرية. صدرت أثناء ذلك تصريحات حارة من كلا الرئيسين، السيسي وبوتين. وكأني ببوتين يسدد لكمة خاطفة لواشنطن بالإشارة إلى روسيا كـ«صديق موثوق به لمصر!». لم أسمع بعد شيئا من تل أبيب في هذا الموضوع. فالكثير يتوقف على ما تراه تل أبيب. ولكنني أتذكر مقالة خطيرة نشرتها صحفها قبل أشهر. أكد الخبير الكاتب فيها على الدور التحالفي التاريخي بين إيران والدولة اليهودية وناشد حكومة نتنياهو أن تنتظر ولا تتسرع في معاداة إيران، فعن قريب ستكون هناك صفحة صداقة جديدة بين الطرفين. ما رأيكم في هذا الحلف الثلاثي: إيران وإسرائيل وأميركا؟!
|