العوائل تشكو البذاءة في المسلسلات المحلية

دريد ثامر 

منذ زمن بعيد ، دخل التلفاز في جميع المنازل العراقية وأصبح حاجة مفضلة لديهم لا يستغنون عنها في متابعة برامجهم اليومية أو آخر الاخبار ، وعندما إنتشرت الفضائيات العراقية أخذت بالتسابق لانتاج المسلسلات المحلية التي وجدت مشاهدة لا بأس بها من المواطنين ، ولكن بعد فترة وجيزة عزف غالبيتهم عن مشاهدتها نتيجة تناولها قضايا قديمة أو طرحها لمواضيع مكررة يعرف نهاياتها الجمهور ، أو سماع أفراد أسرتهم بعض الالفاظ غير اللائقة خلال حوارات الممثلين ، فكانت أمنياتهم أن يشاهدوا عملاً متميزاً يحاكي همومهم التي يعيشونها من دون ذكر بعض تلك العبارات البذيئة في مشاهده التي أسهمت بتغيير رب الاسرة هذه القناة الى أخرى تحاشياً لسماع أسرته هذه العبارات .
فهل أصبح التلفاز الذي يشاهده المواطن العراقي يومياً خطراً عليه بسبب هذه المسلسلات التي تعرض من دون فائدة تذكر ؟ ولماذا هذا الهدر المالي على بعض المسلسلات القديمة التي يعرف المشاهد أحداثها قبل أن تبدأ ؟ وكيف يمكن للمشاهد أن يرى عملاً متميزاً محلياً ، كما يتابعه في بعض الفضائيات الاجنبية والعربية حيث تشده متابعة حلقاتها حتى نهايتها ؟ .
(( بغداد الاخبارية )) سلطت الضوء على هذه الظاهرة عندما تحدثت مع بعض المشاهدين لهذه المسلسلات المحلية .
التلفاز ضروري
قال المواطن شاكر عبد الخالق محمود ( موظف ) منذ مدة طويلة ، أصبح التلفاز حاجة ضرورية في جميع المنازل العراقية ، وصارت غالبية العوائل لا تستطيع أن تستغني عنه ، لانها تعرف من خلاله آخر الاخبار عن العراق والعالم ، فضلاً على متابعتهم لبعض البرامج والمسلسلات المفضلة التي يجدون فيها متعة ، ولكن ما يعاب إن المواطنين يتابعون المسلسلات العربية والاجنبية أكثر من المحلية ، ولا يجدون فيها عامل جذب يشدهم اليها من ناحية الاداء والمضمون ، ربما تكون مواضيعها المطروحة قديمة ولا يجدون ما يسهم في إنجذابهم اليها . 
تسابق الفضائيات
أما المواطنة أمل حسن ماجد ( ربة بيت ) فقالت إن الفضائيات العراقية ومنذ سنوات تحاول بكل همتها التسابق مع بعضها لانتاج المسلسلات المحلية ، لتثير إنتباه أكبر عدد ممكن من المشاهدين اليها ، غير إنني وجدت بعد متابعتها أنها تحاكي الماضي الذي إنتهى وذهب مع زمانه ، وكانت أمنيتي أن تظهر لنا مسلسلات من أرض الواقع حالياً ، لا أن تتحدث عن الملوكية وعن بعض مناطق بغداد القديمة لتعيد لنا مأساتهم في ظل ظروف تعيسة قد عاشوها في وقتهم ، فلا تلفاز لديهم ولا أجهزة موبايل ولا أي تطور تكنولوجي ، ليكونوا ضيوفا ثقيلين علينا في مساءاتنا الجميلة .
تفضيل العربية على المحلية
ولاحظ المواطن عبد الرحمن محمد جميل ( سائق إجرة ) إن أطفاله عندما يشاهدون أو يتابعون بعض المسلسلات الاجنبية والعربية يسألهم ، لماذا لا تتابعون العراقية منها ؟ ، فتكون إجابتهم بان تلك المسلسلات تعرض قضايا قديمة أو تطرح مواضيع أخطاء الماضي التي يعرفها الجميع ، ويؤكدون بأنهم سمعوها منا في القصص التي كنا نرويها لهم وهم صغار ، أو إنها تتكلم في قضايا لا تهمنا في شيء ، فتؤدي هذه الامور الى هروبنا منها وإنجاذبنا الى المسلسلات الاجنبية والعربية معاً . 
قلة الخدمات
بينما قالت المواطنة حنان فارس حاتم ( طالبة جامعية ) جميع المسلسلات العراقية التي إنتجت وعرضت فيها جهد جميل ومتميز من كل الذين عملوا بها طيلة أيام عملهم فيه ، ولكن كانت رغبتي ومنذ سنين مضت مشاهدة عمل محلي متميز يناقش قلة الخدمات المقدمة للمواطن وضعف الحالة المعيشية ،وطبيعة الحياة الاجتماعية وما طرأ عليها من تغيرات سلبية وإيجابية ، ولكن أمنياتنا كانت دائماً ما تصطدم بما هو معروض أمامنا منها .


حوارت بذيئة
غير إن المواطن سعد قاسم وليد ( صاحب محل لبيع المواد الغذائية ) قال : تحتوي بعض تلك المسلسلات على حوارات بذيئة وجلسات سمر في الملاهي نريد الا يشاهدها المواطن مرة اخرى تحت مسميات إنها أحداث فيها ويجب عرضها ، فعبارة ( إبن الكلب ، حقير ، أدبسز ، أنعل والديك ) وغيرها من العبارات ، دأب بعض الكتاب الذين تحرروا من الرقابة في زمن الديمقراطية ، أن يطلقوا تلك الكلمات والحوارات التي لا يجب أن تطرح أمام العوائل بهذه الصيغة .
وسيلة تثقيفية
وعاتبت المواطنة فائزة طارق حميد (موظفة) جميع الجهات التي تسمح بطرح بعض المسلسلات غير الهادفة أمام الجمهور العراقي المتعطش لها لمتابعتها بكل شغف ، لان التلفاز أصبحت وسيلة عالمية وليست محلية ، لرفع مستوى المواطنين وتعليمهم جميع القضايا التي لا يعرفونها في مفردات حياتهم اليومية من أمور صحية وإجتماعية وغيرها ، ويقوم التلفاز بتثقيفهم نحو الاحسن والافضل في حياتهم من خلال إرشادهم الى الطرق الصحيحة ، التي ربما لم ينتبهوا اليها لغرض عدم الوقوع فريسة لها في يوم من الايام ، فكانت المسلسلات وجه من أوجه هذه العملية التثقيفية التي يجب الاهتمام بها بصورة كبيرة .
نصوص إبداعية
ودعا المواطن مهدي عبد الستار صادق ( بكلوريوس فنون جميلة ) الى ضرورة وجود نصوص إبداعية على مستوى عال ، يستطيع المشاهد العراقي فيها أن يتذوق مواضيعها من خلال الاحداث الموجود فيها بكل لهفة وشوق ، لا أن تعرض علينا مسلسلات لقصص لم تعط الافلام العربية مجالاً لها عندما استهلكتها جميعاً ، منذ أن كانت السينما بالابيض والاسود ، فالمواطن كله ثقة بالكتاب الموجدين بمشاهدة أعمال متميزة ودراما حقيقية طالما كان العراق في مقدمة الدراما العربية ، لترفع من مستوى مشاهدته لها وتبعد عنه بعض الكتابات الساذجة والقصص المطروقة لعشرات المرات بحوارات غير جميلة وركيكة جداً .
أعمال بعيدة عن الكوميديا
وتأسفت المواطنة أسماء ياسين طه ( ربة بيت ) أثناء حديثها عن الاعمال العراقية ، حين قالت الحديث عن الاعمال العراقية أمر مؤسف جداً ، لان اغلب التي قدمت خلال الاشهر الماضية كانت مجرد للتهريج وعرض بعض الالفاظ غير المحترمة والسوقية ، ومن المؤسف ان نضعها في إطار الاعمال الكوميدية ، وهي مجرد أعمال لا تمت الى الكوميديا بشيء ، بل هي أقرب الى تشويه صورة المواطن العراقي من خلال تصرفاته ، لذلك أدعو الجميع الى الكف عن عرض هذه الامور التي ما زالت تسيء الى المشاهد بصورة يومية . 

آخر الكلام
المتابع للدراما العراقیة من المستحيل الا يؤشر مجموعة من الملاحظات التي أدت إلى تدھور الدراما العراقیة منذ سنين مضت ، ربما يكون إنخفاض الدعم الحكومي للدراما وإنعكاس ذلك على النص والجوانب الانتاجیة ، الاثر الواضح على تراجعها ، فهناك فقر على مستوى تكنولوجیا الاجھزة ، التي لم تعط للدراما أي تقدم كما يشاهد المواطن الدراما التركية أو العربية ، ولكن يجب أن لا ننسى إن الدراما العراقیة قد تخلصت من عقدت الاملاءات التي كانت سائدة في زمن النظام السابق وأصبحت الاعمال الان فيها فسحة من الحرية ، ومع ذلك فما زال الفنان العراقي والكاتب الدرامي ، يشكو حاله وهو بحاجة الى دعم من الجهات المعنية بهذا الشأن مع وجود كتاب نص واعین وقادرين على فھم الى مخرجین ومصورين جیدين ، مع العمل على ضرورة عودة جمیع الذين عملوا سنين طويلة في الاعمال الدرامیة العراقیة ، لان فیھا خصوصیة الصورة وتحتاج الى كادر متشبع برؤى تقنیة عالیة لیترجم ذلك الى الواقع ، لا أن نترك من ترك بصمة في جبين الدراما العراقية زمناً طويلاً في طيات النسيان من دون الاستفادة من خبرته وإمكاناته الدرامية .