الاستهتار السرطاني في كرتنا الوطنية

مصيبتنا المستحكمة والتي لا تفارق حاضرنا وتاريخنا، ولن تفارق مستقبلنا على المدى المنظور والتي تعد بمثابة سرطان مستفحل، أننا لا نفكر ولا نبادر ولا نخطط للمستقبل من خلال قراءة موضوعية للتاريخ والحاضر، ودائماً ما نكون في وضع الدفاع ونستمر في تلقي الضربات كما هو حال الأغبياء، أي أننا نقوم بردات فعل لأفعال الآخرين، وطبعاً لأننا غير متحسبين لها، فحتى دفاعنا يكون غير محسوبٍ ولم نهيئ له الظروف المطلوبة لكي يكون الدفاع فاعلاً وهذا في أفضل الحالات.

فكل ما جرى علينا من اعتداءات وحصل لنا من إخفاقات هو بمثابة نتائج، وما نقوم به هو مواجهة هذه النتائج، ولأننا لا نفكر بأسباب هذه النتائج ولم نتحسب لها، فدائماً ما نفشل في المواجهة، لأن ردة فعلنا في المواجهة غير مقروءة من قبلنا ومن ثم لم تكن استعداداتنا بالمستوى المطلوب للمواجهة التي تضمن النتائج الناجحة. أسوق هذه المقدمة التي تصلح أن نسقطها على كل أوضاعنا السياسية والعسكرية والثقافية والرياضية.

وما دعاني لهذه المقدمة التي أشعر أنها توصيف منصف وواقعي لما يحصل اليوم ومنذ 2003 على رياضتنا، وأهمها رياضة كرة القدم، اللعبة الأكثر شعبية في بلدنا العراق، والتي لازالت تدخل بفشل وتخرج من آخر بسبب سياسة الجري خلف النتائج الفاشلة من دون أن ينظر في أسبابها في كل مرة يحدث فيها هذا الفشل، والسبب الأهم حسب اعتقادي هو الإدارة.

ففي فترة رئاسة حسين سعيد للإتحاد العراقي لكرة القدم كان الوضع يحتاج إلى مراجعة وموقف حاسم بسبب إنفراده بقرارات الكرة العراقية بحجة الاستقلالية، ويرفض تدخل الدولة العراقية التي يرفع علمها الإتحاد العراقي لكرة القدم، ويتلقى الدعم المادي والمعنوي منها، ولكن لم تتم المراجعة وعملنا على مواجهة نتائج ذلك الإنفراد وتداعياته، ومن دون النظر في الأسباب، ومن ثم كانت نتائج هذه المواجهة صعود شخصية أكثر دكتاتورية وانفرادية في شؤون الكرة العراقية وهو ناجح حمود والمطبلون معه، وبقينا نتلقى الضربات من دون البحث في الأسباب أيضاً.

واستمر الحال من سيئ إلى أسوأ حيث صعد إلى رئاسة الإتحاد الرئيس الحالي عبد الخالق مسعود، وهو أسوأ بكثير من سابقيه، حيث لا يمتلك أية ميزة تفضله على الآخرين، بل زاد الطين بله كما يقول المثل، فبالإضافة إلى كونه غير كفوء وفاسداً فإنه يتميز بعمله الفئوي حيث يميل كلياً إلى سلطة إقليم كردستان الخارجة عن سلطة الدولة العراقية، ودكتاتور غبي جداً مع أنه يعتقد في نفسه أنه ذكي وهذا أسوأ ما نواجهه في الوقت الحالي، فبعد تنفس الرياضيين والمحبين المتابعين للشأن الكروي الصعداء بعد تولي المدرب راضي شنيشل مهمة قيادة عجلة منتخب أسود الرافدين في نهائيات آسيا 2015 وحصولنا على نتيجة المركز الرابع والتي نعتبرها مرضية جدا بعد الإخفاق المذل في خليجي 22 حيث جاء ترتيب الأسود الأخير وبنقطة يتيمة واحدة، وبعد شد وجذب في قضية تولي المدرب راضي شنيشل لقيادة الأسود في التصفيات المؤهلة لكأس العالم القادمة، فاجأنا السيد راضي باعتذاره عن هذه المهمة وله الحق في ذلك كونه ملتزماً بعقد مع النادي القطري، تم وبسرعة البرق تعيين أكرم سلمان الفاشل مع أحد الأندية الأردنية، حيث يحل ناديه في المركز العاشر في الدوري الأردني الممتاز، وقد سبق له أن تولى مهمة قيادة أسود الرافدين في خليجي 18 وقد تآمر على منتخب بلاده حينما اتفق مع المنتخب السعودي على التعادل كي يصعد المنتخبان إلى الدور الثاني، ولكن جرت الرياح على غير الإتفاق وفاز المنتخب السعودي وخرج العراق من البطولة بسبب هذه الخيانة، فالجمهور والإعلام الرياضي العراقي وكل محب لأسود الرافدين يرفضون تعيينه كمدرب للمنتخب، ليس بسبب عدم كفاءته فقط بل لخيانته منتخب بلاده.

لذلك نتمنى على الإعلام أن يستمر وبكل قوة في رفض هذا التعيين من قبل الإتحاد، وأن لا يقف عند نقطة استبعاد هذا التعيين فقط بل لابد من وضع حد للاستهتار المتعمد وغير المسؤول من قبل رئيس الإتحاد الفاقد للوطنية أصلاً، وبعض أعضاء الإتحاد، ومطالبة الدولة العراقية والحكومة بالتدخل لطرد هؤلاء لثبوت فسادهم، حتى لو تعرض العراق لعقوبات دولية، فنحن بأمس الحاجة في هذا الوقت لإعادة النظر بكل رياضتنا، وبالخصوص كرة القدم كي تسير في مسارها الوطني الصحيح. فما الفائدة التي جنيناها من انتصارات زائفة وغير حقيقية، ففي الوقت الذي تفوز فيها منتخبات الشباب والأشبال في البطولات العالمية والآسيوية

والإقليمية، نرى منتخبنا يقبع في المراكز الأخيرة في التصنيف الدولي والآسيوي، وهذا يؤكد أن التزوير لا جدوى منه سوى إبقاء الفاشلين وغير الوطنيين على رأس قيادة الكرة العراقية، ولابد من وضع حد وبتر الاستهتار السرطاني في كرتنا الوطنية .