لماذا عبعوب أيها السادة ؟!

بعد الانتهاء من عرض فلم (السيد عبعوب) في صالة مجلس الوزراء، وعلى مسرح البرلمان العراقي، وشاشات الفضائيات، وصفحات الفيسبوك، وما رافق هذا العرض المثير من لقطات مدهشة حول صحة الإقالة، والتشكيك بها، والتي أدخلت البهجة والسرور إلى نفوس البعض، وجعلت البعض الآخر يغصّ بلوعته ويجهش بالبكاء، وبعد أن تمّ عرض الفلم بنجاح كبير، وأقبل على مشاهدته الملايين من عشاق السينما السياسية، ونال بطله شهرة فاقت شهرة الممثل الاسترالي الوسيم، رجل السند ريلا (راسل كرو) لا بدّ من وقفة نقدية جريئة، بعيدة عن الانحياز لأنصار (السيد عبعوب) أو الطعن في آراء معارضيه، فهذا الرجل لم أتعرف عليه يوماً، رغم أنني معجب بوسامته مثل بقية عباد الله، من خلال اللقاءات المستمرة التي تعرضها علينا فضائيات الهمز واللمز والغمز.
لقد خرج (السيد عبعوب) متهماً بشبهات الفساد، وعدم الكفاءة، والنرجسية العالية التي يجاهر بها، وعدم توفير الخدمات المطلوبة للعاصمة بغداد، لتسير جنبا إلى جنب مع زميلاتها من العواصم الراقية أمثال لندن وباريس وجنيف، وتحويل أمانة العاصمة إلى مضيف عامر بكل ما لذ وطاب لأهله وعشيرته والمقربين إليه، يسرحون ويمرحون به دون رقيب. ومع قليل من الإنصاف، وكثير من غض النظر وتجاهل بعض الحقائق الكبرى، لا بدّ من رفع ذيل ستار المشهد السياسي قليلا، لمشاهدة ما يدور على الساحة العراقية، وعرض عمل الوزارات، وزارة وزارة، وتقديم الوزراء، وزيرا وزيرا، ومن كشف الحجاب عن عمل مجالس المحافظات، مجلسا مجلسا، وإماطة اللثام عن وجوه المحافظين، محافظا محافظا، عندها ستكون فجيعة الوطن عارية بكل رعبها وقبحها، ماثلة أمام أنظار الجميع، ولا تحتاج إلى تفسير أو تبرير، ونرى أن كل الاتهامات وما قيل عن (السيد عبعوب) متجسدة في كل هذه الوزارات، وفي سلوك كل الوزراء، وفي كل دائرة رسمية من دوائر هذا الوطن المفجوع.
هل يستطيع أحد من الوزراء، أو من أعضاء البرلمان العراقي، أو من أصحاب الألسنة الطويلة المدمنة على الكذب والدجل والتزوير من السياسيين، أن يقدم لنا وزارة واحدة خالية من الفساد والسرقة ونهب المال العام؟ وهل يتجرأ أحد من الوزراء، وأعضاء البرلمان، وفرسان مجالس المحافظات، ليطلّ علينا وثيابه نظيفة من أوساخ الفعل الحرام، والمال الحرام  والقول الحرام؟ فلماذا (السيد عبعوب) والجميع وسط دائرة الاتهامات والشبهات، والجميع يخرج علينا في عز الظهيرة، وهو متلبس بالجرم المشهود؟
يا لبؤس الحكومة عندما ترى بأم عينيها، وطنها ماضيه يسحق، وحاضره يسرق، ومستقبله يشهق، وليس لها مشكلة إلا مشكلة (السيد عبعوب). ويا لمحنة الشعب الذي يراق دمه، وتهان كرامته، ويموت في كهوف التهميش والتهجير، ولا يفكر إلا بإقالة (السيد عبعوب). ويا لكارثة الإعلام عندما يغض نظره عن المآسي التي حلت بالبلد، وهو غارق في قضية (السيد عبعوب).
إلى اللقاء