( بوذا ) و( الثور المجنح ) الهمج مروا من هنا
لم تزل تلك الصورة الصادمة حاضرة في الأذهان و ماثلة للعيان عندما انهارت تلك التماثيل العظيمة للمعلم ( بوذا ) و التي يقدر عمرها بألالاف من السنين هزت تلك المشاهد ضمائر الملايين من البشر المختلفين في المعتقدات و الأديان و الأجناس و اثارت السخط و الغضب على اولئك الذين لا يحملون سوى معاول الهدم و ادوات التدمير و الفناء .
كانت تلك الهزة التي عصفت بالعقول و هي ترى تلك التماثيل و التي لا يعلم مدى السنين التي بذلت من اجل نحتها في تلك الصخور الصلدة من الجبال الشاهقة و في لحظات معدودة من ذلك الحقد الدفين تحال الى ركام و كومة من الأحجار و الأتربة لا تنطق بشيئ و لا تشي بما جرى من غابر الزمان .
هم انفسهم اولئك حملوا فؤوسهم و ادوات هدمهم و رحلوا مع دوابهم يبحثون عن مكان آخر يكون فيه للحضارات معالم و ابنية و شواهد لذلك الزمن الغارق في القدم و تروي تلك الشواخص للاجيال المتعاقبة قصص و حكايات الأجداد العظام الذين اقاموا الدول و بنوا المدن و شقوا القنوات و عبدوا الطرق و كان ( العين بالعين ) اساس ملكهم و عمود حكمهم فأزدهرت بعدلهم البلاد وعم الخير و الرخاء ارجاء الدولة و فاض على القاطنين فيها , فكانت تلك البلاد التي ما زالت الى اليوم قائمة نفسها بين تلك الروافد تستمد منها طميها و طينها و ترتوي من شرابها الزاخر .
على تلك الأنهر و الجداول كانت اولى الحروف ينطق بها بدلآ عن الأشارة والرسم و بعد ذلك الخرس الأصم الذي كان يعم سكان الأرض , و هناك ايضآ كانت ( الوصايا العشر ) قد دونت على ذلك اللوح الأسود ونحتت القوانين على ذلك الحجر الأصم الناطق بالقراءة وكان هناك في هذه البلاد ( ملك ) اراد ل ( ملكة الجبال ) ان يخفف من غربتها و وحشتها فكان ان جرى الماء سيلآ زلالآ لا ينقطع صعودآ الى الجنائن لتسقي النبات و تروي الورود و تفيض بالباقي رذاذآ ينعش الأجواء و يبعث بالبرودة في الأرجاء , و كان لتلك البلاد ( اسد ) يحرس بواباتها و يذود عن حاضرتها وكان هناك بعيدآ عنه ( ثور ) له من الشدة و البأس ان امتلك جناحآ و كان للقطعان المسعورة بالمرصاد و السيطرة .
اليوم يقاد ذلك ( الثور ) الأشم المعزز بالكبرياء و اكاليل الغار اسيرآ مزنرآ بسلاسل و اصفاد ثقيلة مصنوعة من ذلك المعدن الردئ للغدر و الخيانة