متى ننظر الى الماضي بغضب؟


 
  
لماذا لا يكف من يجتذبهم سحر الكرسي عن خداع انفسهم وخداع الناس وشراء الضمائر  وقد انكشفت تجليات المصائب التي انطلقت مكملة لسياسة المقبور الهدام وامتدت لعقد اضافي ولم تنتهي تلك المغامرات التي ولّدت حروبا وتطاحنا من نوع آخر وتنكشف الحقائق يوما بعد يوم ويحاول الكثير طمسها عبثا ... 
قبل نصف قرن هتف الكاتب المسرحي البريطاني "اوزبورن" ساخطا على المظالم في مسرحيته "انظروا الى الماضي بغضب "

 أليس حريا بنا ان نهتف ساخطين؟ انظروا الى الماضي والى حاضرنا بغضب كيف لا يغضب الناس وهم في بلد ديموقراطي ويوفر لهم كل اسباب الغضب دون عناء!
 فالدماء تسيل ..ونزيف الهجرتين لازال مستمرا دون هوادة ومن غادر نجى بشحمه ولحمه ومن بقي لا خيار امامه سوى جحيم المحن ،فالحقوق منتهكة وتركات استبداد وفساد ونهب ولصوصية وأعمار وهمي قل نظيره في تأريخ عصابات الفساد المنظم .هل نسي رجالات الحكومتين التشريعية والتنفيذية انهم كانوا يوما ضحايا جلاد واليوم اجتمعوا واقسموا على اللهاث وراء تقاسم المغانم والاحتراب على السلطة ..ويبدو ان شهر العسل الحكومي لم يكتمل ويعرف من طحنتهم رحى الفواجع وما زالت تطحنهم ان المناداة بالإصلاح لا قيمة لها اليوم فتجليات الازمات المتعمقة والمتشابكة والانهيار الشامل في مختلف ميادين الحياة المادية والروحية والاستمرار بالضحك على الذقون. 
وكل مرة ينسى ويتغافل السياسيون القضية الاساسية وهي البرنامج السياسي (وطني،واقعي، حقيقي) واخراج البلاد من ازمتها لا نسمع سوى صوت من يجيد هتافات العشق والولاء على اطلال المغانم وبلادهم مرتهنة في ساحة حربها على الارهاب وما زال العراقيون يدفعون الثمن "لكي تبقى امريكا اكثر امناً" وما تزال مبررات القلق والاحباط قائمة ولازالت الثقة بين الاطراف السياسية تعاني الاهتزاز فعيوننا شابحة وقلوبنا حائرة بين من يمجّد اليأس والاحباط ومن يبدع في رسم الواقع الوردي ويمجّد التحليق فوق الواقع الى أولئك الذين يشعرون بحزن على العراق لابد ان ينهضوا وان يقرعوا الاجراس منذرين ويرفعوا الاصوات محتجين ليفعلوا شيئا من اجل الخلاص قبل يوم الخلاص فبقاء الفاسدون مسيطرون على اغلب المؤسسات الحيوية يشكل خطورة على النظام السياسي برمته لوجود دوافع مضادة للتغيير لانهم يدركون نهايتهم الحتمية ولذلك يسعون الى الضغط للبقاء اطول فترة ممكنة تتيح لهم التغطية على فسادهم او النجاة من أي ملاحقة قضائية او على الاقل الاستمتاع بما نهبوه خارج البلاد كما حدث مع آخرين في السابق فكل ما نحتاجه هو مقدمات ومؤشرات لتشكيل حياة سياسية على اسس وطنية وموضوعية ويجب وضع النقاط على حروف الازمات وحل حزمة المشكلات البنيوية العراقية وتفكيك تلك العقد من جذورها فيا حكام محافظاتنا المنكوبة وبلادنا النازفة تساموا قليلا فوق محاصصاتكم وتناحراتكم وانهضوا بأنفسكم وبالوطن الجريح والا فان الوقت راحل والفرص ضائعة والغضب يثبت ان صناعة الطغاة فاشلة وثورة الشعب منتصرة ولو بعد حين.