النصر الرائع كيف نحافظ على زخمه لصالح العراق ونتجاوز المؤامرة؟

 

 

قلوبنا تخفق مع قوات الحشد الشعبي البطلة وهي تتقدم في صلاح الدين وتحطم الأسطورة التي بناها الإعلام الإسرائيلي الأمريكي عن داعش، ويفضح ادعاءات الشخصيات العالمية التي لا تقل قذارة عن أفراد داعش، مثل وزير الدفاع الأمريكي السابق الذي اراد أن يقنعنا بأن الحرب ضد داعش ستحتاج من أميركا إلى ثلاثين عاماً! 

حسناً، هاهي الحرب تبدي علامات نهايتها القريبة بقوة أبناء العراق وبمساعدة أصدقائهم الحقيقيين من الجيران الذين سعى التحالف الوسخ الذي جاءنا به العبادي، والمليء بعملاء إسرائيل، إلى تخويفنا منهم وعزلنا عنهم بمختلف الوسائل والسبل. 

 

إنها ليست المرة الأولى التي يصلي فيها السنة والشيعة جنباً إلى جنب ونرى الايدي المسدولة والمضمونة تصليان معاً، لكنها بلا شك اللحظة التاريخية الأكثر مباركة لهذه الصورة الرائعة التي يجب تكون رمز العراق الجديد المنتصر الذي نفخر به. دين واحد وشعب واحد أراد أعداءه تمزيقه فلم يفلحوا، ولم يزيدوه في نهاية الأمر إلا تلاحماً!

 

 

https://scontent-ams.xx.fbcdn.net/hphotos-xfp1/v/t1.0-9/s720x720/1454626_1117253058301874_7014322286444137311_n.jpg?oh=e8ad4afabb8c16e809831de6125d01d0&oe=558FE732

 

 

إنني أكتب هذه السطور والمعركة مازالت بعيدة عن النهاية ولم يتبين منها إلا بوادر النصر الرائع الذي طال انتظاره. إنني لم انتظر النتيجة لأني أشعر أن هناك ما يجب أن نعرفه لكي نساعد في تحقيق تلك النتيجة ونضمن أن تداعياتها ستكون لصالح بلادنا المدمرة وشعبنا المذبوح باقصى ما تكون، وأن نستفيد من النصر ليس على الأرض فقط، بل ومن ما يرمز إليه وما يعنيه، وأن لا نسمح بضياعه أبداً. 

 

فالأخبار المفرحة تحمل في طياتها أكثر من نصر، نصر عسكري ونصر نفسي ونصر اجتماعي وكل منها ينافس الآخر في أهميته وتأثيره وخطورته. أنظروا إلى هذا الخبر الذي كتب تحت عنوان " عاجل/ محافظ صلاح الدين : داعش ينهار بدون مقاومة والسكان استقبلونا بثورة وقواتنا سيطرت على مبنى الأكاديمية ومناطق عديدة"، والذي نقرأ في متنه أن محافظ صلاح الدين يعلن انهيار داعش أمام القطعات العسكرية العراقية والمقاتلين على خمسة محاور، وأن القوات تقدمت دون مقاومة.. وأخيراً يشير إلى النصر الثاني حين يقول : " واستقبل السكان القوات بثورة فرح عارمة".!! (1)

 

ما الذي يعنيه ذلك؟ مثلما كذب انتصار الأبطال العراقيين خرافات وزير الدفاع الأمريكي عن داعش، فأن هذه العبارة الأخيرة تلجم الأفواه التي أجهدت نفسها بالتحذير والدعوة إلى رفض مقاتلة الشيعة لداعش في المناطق السنية بدعوى الحفاظ على حياة شباب الشيعة وعدم تقديمها ضحية لمن "لا يستحقها" ويرفضها. وعدا المغالطة الضمنية بأن أمن الشيعة وأمن السنة منفصلان عن بعضهما البعض، وأنه يمكن للشيعة أن يتركوا مناطق السنة تحت سيطرة داعش دون أن يخشوا على مناطقهم، فأن "ثورة الفرح العارمة" تكذب ادعاءات الرفض التي نشرها الإعلام وانطلت على بعض الأبرياء ليساهموا في نشرها للأسف. وكان من تلك الأخبار خبر نقل عن أسامة النجيفي بأن الموصل ترفض الحشد الشعبي لتحريرها، ولا ندري إن كانت تلك من أقوال هذا السفيه أم انها من تخرصات الإعلام الإسرائيلي في العراق، الذي لا يعرف فيه الحق من الباطل. وفي كل الأحوال فأن خبراً آخر تزامن معه يؤكد أن مجلس محافظة نينوى لا يعارض دخول قوات الحشد الشعبي لتحرير المدينة، وأنهم يشترطون فقط “ان تكون تلك القوات خاضعة لسيطرة مركزية وبرنامج عمل واضح”، وهو أمر مطلوب في كل الأحوال. (2)

 

وبعد أن قلنا هذا، نريد أن نحذر من أن تأخذنا فرحة النصر فننسى الحذر، فعلينا أن لا ننسى ابداً أن الأيام والشهور الماضية برهنت بما لا يقبل الشك بأن الحشد الشعبي الذي يتكون جله من الأبطال الذين يفخر بهم أي بلد في العالم، مخترق بلا شك من قبل عناصر داعشية متخفية، مثلما هو الحال مع الجيش العراقي الذي يحتوي الصنفين من الرجال. علينا أن نبقى واعين وأن لا نخلط هذين الصنفين في فرحة النصر فنتيح للخبثاء أن يعبثوا بها. وللذين يتصورون أن رجال مذهبهم دون غيره، نقي من الخبثاء وأن جميع رجاله أبطال ميامين، أود تذكيرهم بأن صدام حسين لم يفشل في أن يجد الحثالات من أي مذهب يريده ومن أي دين يريده أيضاً فدعونا لا نخدع أنفسنا في هذه اللحظة الحرجة.. فإذا حصلت شكاوى من جديد فإني أتمنى على قيادات الحشد الشعبي أن تستمع إليها بكل أمانة وإذن صاغية وأن لا تسارع إلى اتهام من يشكو بأنه يريد الإساءة للحشد والتقليل من النصر والتضحية، وأن لا تستعمل تضحيات الشرفاء أبداً كغطاء للمجرمين! 

 

إن مهمة تمييز الطيبين من الخبثاء ملقاة على عاتق الحشد الشعبي نفسه، فهو الذي يجب أن يميز نفسه وينظفها من الدخلاء والعملاء وبيين للناس بياض صفحته الوطنية الناصعة، وأن يكون قاسياً بأشد ما تكون القسوة على العملاء الذين اخترقوا صفوفه للإساءة إليه. إنني أكتب هذا لأن الحرب هي اللحظة التي يمكن لهؤلاء أن يستغلوها أبشع استغلال ويحيلوا النصر فيها إلى هزيمة ثابتة. لكنها أيضاً اللحظة الأنسب لكشف المجرمين حيث لا يستطيعون أن يبقوا متخفين، فمهمتهم تتطلب منهم أن يهاجموا الآن لتحطيم النصر، وبالتالي فأنهم يقدمون الفرصة لكشفهم، وكل حرب كانت دائماً تكشف عدداً كبيراً من الجواسيس كما حدث في حروب إسرائيل ضد حزب الله وكذلك الحروب الأخيرة ضد حماس. 

 

يجب أن نقر أن الحشد الشعبي لم يحقق أية نتائج ملموسة في هذا المجال حتى اليوم وأن الأوان لقنص بعض الفئران قد حان، خاصة في اللحظة التي يدخلون فيها المدن وبشكل خاص المناطق المعزولة منها. لا شك أن لهؤلاء الخبثاء قيادات أخترقت قيادات عليا في الحشد الشعبي، ودعوني أدعوكم إلى مراقبة حتى هؤلاء، وربما بشكل خاص من وضع نفسه مدافعاً عن قضية الطائرات الأمريكية وإنكار دعمها لداعش! فتلك كانت أيضاً معركة فضحت بعض العملاء بلا شك، وأحدهم في قيادات الحشد الشعبي.

 

إن كشف قضية الطائرات في هذا الوقت الذي سبق إعلان الحرب على داعش كان عملاً رائعاً وخطيراً يجب أن نشيد بدور اللجنة الأمنية في مجلس النواب فيه والنواب الذين كشفوا الأمر مثل حاكم الزاملي. ولا شك أنه بفضل هذا الفضح وإعلان وزير الدفاع أن أية طائرة تسقط المعونة لداعش هي هدف شرعي للجيش العراقي، يجعل قيام تلك الطائرات بمثل تلك المهمات قضية أكثر صعوبة ولها تداعيات قد تكون في غاية الخطورة، وبالتالي تم حرمان داعش من الدعم المادي المباشر من قبل الأمريكان، وإن لم يكن يمنع الدعم الإستخباراتي والمعلوماتي الذي يمكن دائماً أن يصلها عن طريق الإتصالات اللاسلكية والأقمار الصناعية. 

 

وأخيراً دعوني أحذر من نقطة قد لا تبدو خطيرة الأهمية، تم تداولها على الفيسبوك، وهي مسألة رفع الأعلام ذات الصبغة الطائفية بدلا من الأعلام العراقية مع قوات الجيش والحشد وفوق المناطق المحررة من داعش. إنني أدرك الأهمية الكبيرة لتلك الأعلام وحثها المقاتلين على القتال والتضحية، ولذلك لا استطيع أن أدعوا إلى عدم رفعها، لكني أتمنى على الأقل أن ترفع الأعلام العراقية معها لتجنب أية مشاعر قلق من الجانب الآخر، وأن يكون العلم العراقي فوق المناطق المحررة هو الوحيد أو الأبرز معلناً أن تلك الأرض صارت عراقية من جديد لأهلها العراقيين من كل الطوائف. فرغم أن السنة يعتزون مثلا بالحسين كل الإعتزاز قائداً ثورياً وإنساناً عظيماً وإماماً رمزاً، إلا أنه يبقى هناك فرق بين ردود الفعل الشيعية والسنية على تلك الأعلام، فعلينا أن نؤكد للجميع سنة وشيعة، ان الإنتصار عراقي وأن الإنتقام من داعش عراقي لا علاقة للمذهب به. 

ولمن يتصور أن هذا أمر لا أهمية له، أقول له أن يتذكر أن الجميع اتفق أن أحد اسباب فشل الإنتفاضة العراقية الباسلة في 91هو رفع شعارات طائفية اشعرت الآخرين بالغربة وبأنهم المقصودين والمستهدفين فيها، وبالتالي كانت أحد أسباب الإمتناع عن المشاركة فيها. 

 

لذلك، ورغم كل الفرحة العارمة التي طال انتظارها طويلا جداً، ورغم حرارة قلوبنا وانطلاقها بالنصر العظيم الذي بانت تباشيره، فإن رؤوسنا يجب أن تبقى باردة وعيوننا مفتوحة وأذهاننا يقضة لسد أية ثغرة قد تحدث والإنتباه لردود الأفعال الداعشية وعملاء أميركا، فمن السذاجة أن نفترض أنهم سيقبلون الهزيمة بلا مقاومة، وأنهم لن يترصدوا الفرص لقلب الموازين، فمثلما أن مصير العراق معلق على هذه الأيام، فمصيرهم معلق عليها أيضاً، ومثلما أن خلاص العراق يرتبط بنتائجها، فأن مكاسبهم الخبيثة التي دفعوا المليارات من أجلها، معلقة بتلك النتائج، وكل التاريخ يقول أنهم لا يقبلون الهزيمة النهائية بسهولة وأن من أراد النصر النهائي فعليه أن يعمل من أجله وحتى آخر لحظة، بتضحية ونكران ذات، وأيضاً بوعي سباق لأية مؤامرة، والتحزم للكلب بحزام ذئب، كما قال أجدادنا!

 

على بركة الله أيها الأبطال الذين أعدتم الفرحة إلى عيوننا وقلوبنا، التي تدعو لكم بالنصر والعودة السالمة الميمونة. 

 

 

(1) عاجل/ محافظ صلاح الدين : داعش ينهار بدون مقاومة والسكان استقبلونا بثورة وقواتنا سيطرت على مبنى الأكاديمية ومناطق عديدة https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=1458946527713817&id=100007954500250&comment_id=1458949867713483&offset=0&total_comments=1&notif_t=feed_comment

 

(2) مجلس نينوى: لا اعتراض على دخول قوات الحشد الشعبي لتحرير نينوى 

http://www.akhbaar.org/home/2015/2/185810.html