يا الله

مذ ان فتحت هذين العينين على الحروب التي ابتلي بها العراق، خارجية او داخلية، الى اليوم، لم اشعر بعدالة أي منها. كلها، كنا نحن فيها المعتدون، او اننا دفعنا لها دفعا بسبب طيش هذا الحاكم أو غباء ذاك. وفي كل مرة يخرج منها الطايش ويسلم منها الغبي ويدفع ثمنها أولاد الخايبات.
أما البارحة وبعد قرار شن الحرب لتحرير تكريت شعرت لأول مرة برغبة محمومة ان أشارك فيها، رغم ان العمر اخذ مني ما أخذ. انها الحرب العراقية العادلة الأولى.
ولأنها عادلة نهض معها العراق. ولأول مرة يخرج نور العراق كله للظلام كله. كما الطفل أرى وجهك ضحاكا وثغرك باسما يا عراق. لا سنيا يخاف حشدك الشعبي، ولا شيعيا فيك يخاف من أخيه السني. نهضت وقلبي معك يصيح: يا الله.
ها هو العراق من بعد النومة الطويلة يمشي على طوله. سماؤه حلوة. أرضه أحلى. وما كانت السماء تحلّو ولا الأرض لولا العدل. والعدل لا يحل بين قوم الا اذا احتكموا الى عقولهم. والاحتكام الى العقول يحيي الضمائر. والضمائر الحية تحيي النفوس. وان حييت النفوس انتصرت.
لا اظن ان عراقيا واحدا يشك في الانتصار على الدواعش في تكريت هذه المرة. لا يشك لأن قائد الحرب لم يختل في جحر ولم يختبئ خلف اسوار الخضراء، كما كان يفعل السابقون، بل كان هناك على الطبيعة بشعره الأبيض غير المصبوغ وبكلماته القليلة جدا من دون هذيان او لف او دوران. لم يحضر معه "عدّة" استكاناته الخاصة بشرب الشاي بل شرب مما تشربه الناس. ولا يخاف الناس او يخشى الشرب من مشاربهم الا من كان ظالما او مرعوبا من دواخله. عدلت فأمنت وحللّت خبزتك يا ريّس.
الله الله يا شجعان: قلبي معكم على السواتر لا يغفوا ولا يرتاح الا ان اراكم قد عدتم سالمين وقد كحلتم عيون أمهات وبنات تكريت بالحب بعد ان ابكاها الهمج الرعاع دما اسود. 
يا الله .. أرنا أنك تحبنا مثلما أحببنا بعضنا اليوم في صلاح الدين. 
ويا الله .. لا تؤاخذ أبناءنا بسفاهة حكامنا السابقين، الاغبياء منهم والطائشين، إسلاميين كانوا او علمانيين، يا ربّ العالمين.