العقيدة العلمية الغائبة!!

 

 

المجتمع العربي يعاني من غياب العقيدة العلمية وإنتفائها بالكامل , مما تسبب في سيادة العقائد الأخرى على الحياة , وأخذها في مسارات تدميرية ذات خسائر حضارية وإنسانية فادحة.

 

فلولا غياب العقائد العلمية , لما تفشت العقائد المنحرفة المعبّأة بإرادة الإنتقام من الحياة , وتحويلها إلى وجود خانق قاتم الألوان.

 

وما بين هذا الإنقطاع الشبة تام عن عقيدة العلم ومناهج العصر , ونظرياته وقوانينه ومعادلاته الفكرية والإدراكية الفائقة التقدم , والإنغماس في ظلمات الرؤى والتصورات , تتحقق حالة تراجيدية مرعبة في مجتمعات لا ترى أبعاد الزمن وخصوصيات المكان , ولا تعي آليات ومهارات كتابة التأريخ بمداد الأنوار.

 

وفقا لهذا التصادم المرعب تجدها في إختناقات حضارية مصيرية , تؤهلها للإنقراض الحتمي والخسران الفظيع , وهي تتحرك منومة وسكرى لحد الغثيان بأساطير الأجداث ومناهج الرميم الغائب في التراب.

 

والعلة الأدهى , أن هذه العقائد الظلماء تستخدم أحدث ما توصلت إليه وإبتكرته عقائد العلم , التي لا تؤمن بها وتنكرها بالكامل , أي أنها سخرت العقائد العلمية لتدمير ذاتها وموضوعها.

 

فأصحاب العقائد السوداء لا ينتجون شيئا نافعا للناس , ولا يمتلكون مصنعا صغيرا واحدا , ولا يساهمون في إثراء الثقافة المعاصرة , وإنما يعتاشون على منتجات العصر , ويستخدمونها للإستثمار في مشاريع الشرور الدمار والبشائع وسفك الدماء.

 

ولايُعرف كيف يبررون إستخدام ما لا يصنعون وينتجون , وهو من إبداع ما ينكرون , في التعبير عن محتويات أمّارات السوء البشرية القابعة في دياجيرهم المعتمة؟

 

فإن كانت عقائدهم صادقة , فعليهم أن يقدموا بواسطتها ما يمكنهم أن يهزموا عقائد العلم ومناهجه , لا أن يستخدمونها لتأكيد ما فيهم من نوازع السلوك المنحرف البغيض!!

 

العقائد الصحيحة هي التي تكون معاصرة , وذات قدرات إنتاجية وإستثمارية وصناعية إبتكارية تميزها , وتمنحها علاماتها الفارقة وتأثيراتها الواضحة , لأنها قد أرضت حاجات ضرورية لدى الناس وأنارت دروب الحياة.

 

أما هذا التفاعل السلبي مع العصر , والرقص على هامش المكان والزمان , فإنما يشير إلى رغبات إنتحارية ودوافع مضطربة , ستحرق كل شيئ , وتجعل الوجود رمادا , والضياع أكيدا , وما هذه العقائد إلا سرطانات فكرية ونفسية , مؤهلة للإنتشار الخبيث في بدن المجتمعات , في زمن الفوضى الخلاقة , وديمقراطيات الإضطراب والتدمير الشامل لأركان الدول والأوطان.

 

فهل تمتلك مجتمعاتنا عقيدة علمية تحافظ على وجودها؟!!