ليالي قريش.. الليلة الـ 11

فاكرين فيلم "سلام يا صاحبي"، لما كان عادل إمام واصحابه بـ يعدوا بـ عربيات البضاعة، وقطاع الطريق يطلعوا يقولوا له: "شخلل يا بلدينا علشان تعدي"، عادل إمام اتصرف إزاي؟

فرض قوته عليهم، وضربهم. بس بعد ما تغلب عليهم، اداهم فلوس. وبقت هي دي العادة. لما سعيد صالح استغرب، عادل إمام شرح له إن الطريقة دي أفضل، كده البضاعة تمر بـ أمان، وقطاع الطرق دول بدال ما يبقوا أعداء، هـ يشاركوا في حماية البضاعة المعدية، بس بالنسبة اللي يحددها هو.

هو ده بـ الظبط اللي عمله قصي مع القبائل اللي حوالين مكة، واللي بـ تمر بـ طريق التجارة المكية الناشئة في بدايات عهده. بس ده مش كل حاجة، كان لازم التصرف معاهم بـ طريقة مركبة شوية.

أولا، زي ما شفنا الأسهل من إننا نحمي القبائل منهم، ونعاركهم كل ما نعدي، إننا نشركهم في التجارة دي، يعني أقول لـ شيخ القبيلة من دول: بدال ما حضرتك تهجم على قافلة مثلا بـ 100 ألف دينار، وتاخد بضاعة غالبا مش هـ يلزمك منها لا لبان ولا صمغ ولا غيره، ولا إنت عارف قيمتها أصلا، ممكن تاخد لك ألف دينار أبرك من القافلة كلها. وبـ كده يشتركوا في الحماية، ونوفر الأحابيش لحماية الاستقرار في مكة.

بس لأننا مش في فيلم، الحكاية مش بـ السهولة دي، علشان كده كان لازم يبقى فيه قاعدة ثقافية للحكاية دي، والثقافة في الوقت، يا إما دين، يا إما هـ تتحول لـ دين، من هنا كان فيه شوية إجراءات نشرتها مكة، اكتسبت قوة العقيدة، أهمها على الإطلاق فكرة تحريم وتجريم القتال في الأشهر الحرم، وفي وقت قليل، حكاية القتال في الأشهر الحرم دي بقت عار تلاحق مرتكبها، ويتحول لـ معيرة بين العرب في دقيقة، وقصة الأشهر الحرم استدعت فورا النسيء الذي وصفه القرآن بعد كده إنه "زيادة في الكفر".

إيه حكاية الأشهر الحرم والنسيء دي؟

معلش الجزء اللي جي شوية غلس، لأن فيه كلام عن التقويم وعارف إن فيه ناس كتير بـ تزهق من القصة دي، بس نمشي خطوة خطوة:

دلوقتي الأرض بـ تلف حوالين نفسها، وبـ تلف حوالين الشمس، والقمر بـ يلف حوالين الأرض.

لفة الأرض حوالين نفسها هي اليوم، كل لفة يوم، ودي حاجة على حد علمي مفيهاش اختلاف بين أي تقويم والتاني، شمسي بقى قمري، أي تقويم معندوش مشكلة في حساب اليوم، الاختلاف بـ يبقى في تقسيم اليوم نفسه لـ 24 ساعة، ولا لـ فترات، ولا بـ أي طريقة تانية، وده مش موضوعنا.

لفة الأرض حوالين الشمس، بـ تنتج السنة، كل لفة سنة، وكل سنة بـ يتعاقب الصيف والشتا. التقويم الشمسي (اللي بـ نسميه الميلادي) هو اللي اهتم بـ السنة، وظبطها صح، على فترات. الشتا ثم الربيع ثم الصيف ثم الخريف بـ ييجوا في مواعيد ثابتة، يعني عمر يناير في مصر ما هـ ييجي في الصيف، ولا أغسطس هـ ييجي في الشتا.

الشعوب الزراعية، واللي اشتغلت في التجارة، اتبعت النوع ده من التقويم، لأنه بـ يظبط نشاطاتهم.

القمر بـ يلف حوالين الأرض، مرة كل 29 أو تلاتين يوم، وبـ التالي بـ يتعاقب الهلال والبدر ومراحل القمر المختلفة. لفة القمر حوالين الأرض بـ يسموها "الشهر"، والعرب كـ مجتمع بدوي رعوي، اهتمت بـ القمر مش ـ الشمس، لأن الإضاءة بـتاعة القمر أهم بـ كتير من تعاقب الصيف والشتا، اللي مش فارقين قوي، وده التقويم (المعروف عندنا بـ التقويم الهجري).

لو الكلام ده واضح، هـ نكتشف بـ سهولة إن فيه فرق بين التقويمين، والفرق ده عمل مشكلة لـ تجارة مكة.
 
إيه المشكلة؟
حلوها ازاي؟
ده موضوع الحلقة الجاية
استنونا.