تقشير الموز في غرفة الأركان |
حكيَّ أن الإسكندر المقدوني وقد عقد العزم على غزو بابل ، كان قد دعى الى اجتماع في خيمته ، حين دخل عليه أحد قادته وبيده برتقالة ، فصرخ عليه ، أرميها فحين تكون هنا يكون معك سيفك فقط . حزن سقوط الموصل بقشرة موز ، هو حزن لن تشفي غليله لجنة تحقيق وتقصي الحقائق ، لأني أدرك أن العقاب لن يكون بمستوى ضياع البلد ، وأن الاختصاص الدقيق في معرفة العلة غائب وسط الكثير من التجاذبات والخوف من خيال المآته وظله وأشياء أدرك تماما أن سقوطها ليس مرهون برجل بل بوضع نفسي وسياسي عام ، ومن بعضه هذه الكماليات التي تملئ الذوق العسكري والترف الذي جعل أمر الفوج يستلم سبعين راتبا وليس راتبا واحدا. حزن الموصل تكرر في تكريت ، وفي الأنبار ، وفي شمال ديالى ، وحزام بغداد ، وجراء تلك الملهاة التي لم يكتبها شكسبير أو سعد الله ونوس بل كتبها قشر الموز ، ضاعت منا بلادا كان هيرودوت يقولها عنها :اقرب المياه الى الشهد هي مياه ميزوبوتاميا ، لكنهم قربوها الى علقم الحزن والدمعة والنازحين. جلب لنا قشر الموز هذا خراب في الخارطة العراقية ، خراب في المتاحف والتراث ، خراب للأديرة والجوامع والكنائس والتماثيل . جلب لنا ما كان هنيبعل يتمناه لروما .لكن الفرق أن هنيبعل لم يصل الى روما وينال ما يريد ، وداعش وصلت الى الموصل ونالت ما أرادت ، غير أنَ البركة بأخوة هدله ، المحاربون الذين ينتمون الى فيالق سومر ، وكربلاء ، والضلوعية وهيت والأعظمية ، بهم تلك البركة التي جعلت المقدوني يحسب ألف حساب حين اراد بابل له مسكنا. والآن وقد حدث الذي حدث ، ومثل كل عصر ، قدر هذا الوطن أن يذبحَ القرابين ويمنح الضحايا لأجل استعادة باحة البيت الذي كانت طفولتنا تلعب فيه ( غميضة الجيجو ).
|