لم يُبقي داعش الا الهجوم للدفاع عن النفس



ارتكب داعش اكثر من الخيال في التعدي على كل القيم الانسانية، و لم يبق الا دحره و هو من فرض استخدام كل السبل لاستئصاله من جذوره . و في المقابل هناك من القوات التابعة لهذه الجهة و ذاك لم يذخر جهدها في السير على الطريق و السلوك ذاته، اما كرد فعل او بما يضمر في عمقه كراهية مذهبية او جهوية و ليس دفاعا عن النفس و ابعاد الشر كما هو المطلوب اليوم .
مهد داعش ارضية خصبة لكل من تربص منذ مدة لتصفية حسابات مختلفة في هذه الارض، و وفر داعش على هؤلاء جهود لتنفيذ ما في نفوسهم من شر للمنطقة جميعا و ليس هناك اضر من داعش الا من ينفذ به اجندته التي انتظرها منذ مدة طويلة .
السؤال الذي يطرحه المراقبون، هل يصح ان نحارب داعش بالوسيلة و القوة و الطريقة ذاتها كما يحارب بها داعش في هذه المنطقة، لا ادخل فيما تفرضه حقوق الانسان و كيفية التعامل مع الانسان في حالات شتى في الحرب و السلام، و انما ما اريد التطرق اليه هو من الناحية السياسية لهذه المرحلة، هل لدينا الوقت لتصحيح المسار و تربية من غرر بهم الى جادة الصواب ام كما فعل الاجداد من قبل الحرب بالحرب و الجريمة بالجريمة و الثار واجب و البادي اظلم، و لم يُتبع اي قانون او نظام الا ما فرضته الصحراء القاحلة و مدى العقول التي امرت و نهت عن ما جرى بحكم ضيق العقلية فقط .
هناك من الافكار التي طرحت و تستوجب الدراسة ان تمكن تنفيذها لما يفيد مستقبل المنطقة و الانسان فيها. 
هناك من يقول يجب عزل داعش فكرا قبل محاربته عسكريا، و هذا ليس بواقعي لانه بوحشيته يمكن ان يتمدد كما ينوي و لم يدع ان يفعل النظرية ما تريد على الارض، و عليه ليس هناك من مؤيدين لهذه الافكار الا المثاليين الذين لم ينظروا الى الواقع و ما موجود فيه . و هناك من يقول يجب محاربة داعش فكرا و عقلا عمليا و عسكريا على ارض الواقع مع مراعاة ما تفرضه تعاليم الانسانية في التعامل حتى مع هؤلاء المجرمين، و هذا له من المؤدين العديدن و خاصة ممن لهم باع في هذا المسار و الخبرة التاريخية، و لكن الخلاف في الاولوية او التزامن في الامرين، فهناك من يؤيد العملية العسكرية من ثم النظر في التثقيف و التربية لمن يمكن التاثير عليه وهذا يحتاج الى الوقت، و في المقابل هناك من يفضل التزامن و فتح معسكرات و مدارس اصلاحية بعيدا عن السياسة التي دمرت مثل هذه الافكار و الاعمال في الماضي القريب . و هناك من المثاليين من يقول يجب وضع حد لتقدم داعش و منعه من التطور على الارض و عرقلة امتداده اي حصره في مساحة معينة فقط و حجزه و عزله عن الاخرين بكل السبل و من ثم بمرور الوقت يياس منه من يعج و يعيش تحت امرته و يمكن ان يهبوا لمحاربته بنفسهم و الانتفاضة ضده و به يمكن قطع دابره و منع تكراره في اي مكان في العالم و يعتبرون هذا حلا امنا و قطعيا لاستئصاله بالطريقة السهلة .
و لكن الامر الذي يمكن ان يحسم الامر وفق الكثيرين و بما يدخل في هذا الشان جهات مختلفة سياسية و مخابراتية وعسكرية و حسب كل المتتبعين، هو ردع داعش اولا و من ثم كشف اذياله و من وراءه و فضحهم و من ثم مسح الارضية التي بني عليها بسهولة، بدءا من التاريخ المليء بما يزكي افكار داعش بكل معنى الكلمة و يصادقه، اي العمل على ادانة هذا التاريخ و من صطٌره بكل ما امكن من النواحي النظرية و العملية و بيان خطاءه و صحراويته البعيدة عن العقلية و الانسانية التي تفرض نفسها في اكثر من منطقة في العالم اليوم .
لا يمكن بيان وحشية داعش دون الرجوع الى الاسس التي اعتمد عليها في فكره و النصوص التي يعتمدها في مسيرته و حركته و ما يدعيه من الجهاد و ما ينفذه على الارض . اي لم يبق داعش لمن يقدم الانسانية على كل فكر مصلحي الا قطع دابره فكرا و وجودا على الارض بالسبل التي لم تدع فرصة لبقاءه او تكراره في المستقبل ، و لا يتم هذا بالقوى المصلحية السياسية التي تستغل داعش لاغراض سياسية بعيدا عن كل ما يمت بالانسانية من كلمة، و السؤال المحير لحد الان هو؛ اذا، من يمحي داعش عقلا و فكرا و وجودا ؟