العنف و العنف المضاد


عندما شاهدت المناظر المقززة من النحر و حز الرقاب و القتل و التمثيل بالجثث و الاشلاء عند داعش توقعت ان هذا نابع عن دوافع عقيدية دينية مذهبية ضيقة الافق من جانب واحد وهو عقلية حاملة لنظرات وحشية فقط، و لا يمكن ان تكون وراءها غرائز بشرية مجردة بالشكل الذي يمكن ان تصل الى هذه الحال من التعدي و التخريب و كل ما يضر الحياة و ينتهك القيم الانسانية، الا انني في المقابل عندما رايت افعال الطرف المقابل لداعش ومن قبل قوى الحشد الشعبي تجاه من وقع في ايديهم من الافعال الوحشية و التصرفات ذاتها و السلوك غير الطبيعي، كما فعل داعش، فتعمقت مع ذاتي بان الدافع العقيدي المتعصب ليس السبب و العامل الوحيد وراء الوحشية في التصرف و السلوك الذي يصدر من البعض امام الانسان، و ان كان ما يمكن ان نسميه رد فعل، الا ان تبادل الفعل و رد الفعل بهذا البرود من الاعصاب لدى فئتين و مذهبين مسح عندي الاعتقاد بان الحقد يمكن ان يكون لدى طرف دون اخر و تكون وراءها عقائد جامدة سلفية متخلفة . اي ما اقدم عليه هذا المنتمي الى ما يعرف نفسه اولاد زينب و الحسين و من بني اهل البيت و يبقر المقتول بيده بهذا الشكل و يلعب كرة القدم براس المنحور و كانه يلعب بكرة اديداس ليس بانسان بكل معنى الكلمة . فان شاهدنا راس المقتول عند داعش فوق جثة صاحبه و من يرفعه او يذهب به الى الامير هناك، فاننا شاهدنا اللعب بالراس و استعين به ككرة قدم في جبهة الحرب هنا، هذا اخر ما يصل اليه الانسان الوحشي المجرم الذي لا يمكن وصفه باي حيوان مفترس و انه ورث القبح من اسلافه الفاتحين المحتلين، و الا لماذا لم نجد هذا السلوك الفضيح عند البيشمركة بالشكل الفاضح هذا، لانهم ضحية هذه الافعال من اسلاف هؤلاء في التاريخ .
هل يمكن ان نحلل ما وراء هذا السلوك و التصرفات، ام انها السابقة التي يجب دراستها عند السلوك البشرية و يمكن التحليل النفسي و الذاتي للفاعل و الظروف و ما تعانيه التنمية البشرية من الضعف و التخلف العقلي و ووصلت الحال الى هذا الحضيض من العرف الانساني و لهذا المستوى المتدني من النظرة الى الانسان و ما يخصه .
هذا الذي يعيش في زاوية من قرية نائية لا يسمع الا ما حدث سلفا في التاريخ الاسلامي و من غدر بهذا و ذاك و لم يرى الا اللطم و الطبر و القتل و لا يعلم ما الحياة و ما في الدنيا غير الاسبقين لا يخرج من هذا الاطار الضيق للفكر و لم يتسع في نظرته و تفكيره و هو على هذه التربية من البيت الى الشارع و المدرسة و يلقن كما هو الحيوان دون ان يترك له فرصة التفكير الحر و النظرة الى الحياة بنفسه، و ذاك الذي لا يعلم الا من يقابله هو من الرافضة الكفار و الخارجين عن السلف و اولاد المتعة، فكيف لا يخرج بهذه النتيجة من الجريمة الوحشية، و كل منهما على طرفين متناقضين و مضادين للبعض و ليس ذالك الا على العكس من التوجه و التلقين من الناحية المذهبية فقط و يملى عليه التصرف و التعامل ذاته مع الاخر، فمثل هذا كيف يسلم و لا يتلقن درسا عمليا ونظريا لقتل الاخر المضاد و اللعب به دون رحمةو كانه يؤدي واجبا دينيا مذهبيا و وطنيا ايضا .
ان ما يفرضة داعش و القوى المتطرفة المضادة له من الحشد الشعبي و التنظيمات الشيعية الارهابية المتطرفة ليس الا عوامل نشر عنف و فساد و كراهية للبشر و الانسانية فكرا و كيانا لا يمكن ان تتفرغ منه المنطقة و العراق بشكل خاص على مدى عقود اخرى . فانهم يزرعون كل ما يمكن وصفه بالقذارة و التوجه الخبيث للعقل البشري في هذه المساحة المبتلية من الارض منذ غزو اعراب الجزيرة العربية لها بعد فتوحات الاسلام و لم يتصرف داعش و الحشد و التنظيمات الشيعية الارهابية المواكبة لهم الا ما فعلوه اسلافهم و اجدادهم من الذين يسمونهم الامة و الخيرين من السلاطين التي لم تكن مرحلتهم خالية من هذه الجرائم الانسانية المفضوحة . فان العنف الذي زرع في كيان الانسان الشرقي و العراقي بشكل خاص و هذا الارض التي كانت مهدا لقتل الرضيع قبل الكبير ورث تلك الصفات جينيا الى الابناء و ها هم يعيدون ما ابدع به اسلافهم و اجدادهم من القتل و الرعب و الارهاب و الغزو وا لسبي و النحر و الحرق و السلب و النهب كل باسماء مختلفة من اجل تشريعها باسم الجهاد و الفتح و الغنيمة و تنفيذ امر الله .
ما ازداد الطين بلة هو استغلال هذه العقليات سياسيا و استخباريا لاسباب وعوامل و اهداف راسمالية سياسية خبيثة لا تختلف عن اهداف الاسلام و ما يفرز من قذارته و ما يفرضه من العقلية الضيقة، و هي تشارك القوى الاجرامية في عملها نتيجة استغلالها لمصالح خاصة لكل ما يجري في هذه المنطقة على حساب شعوبها و حياتهم و مستقبلهم .