(طمطملي واطمطملك)!

ربما لمْ ينتبه البعض إلى تقرير منظمة الشفافية الدولية لهذا العام عن مستوى الفساد في دول العالم، وذلك نتيجة معارك التحرير التي تخوضها قواتنا البطلة ضد داعش الذي تمكن من الاستيلاء على نحو 25% من أرض العراق!
للأسف نقولها إن العراق احتل وللعام الرابع على التوالي المرتبة الثالثة عالمياً بعد السودان والصومال في مستوى الفساد، وأتمنى ألا أكون متشائماً حينما أقول إن نسبة الفساد هذه في العراق ستبقى على حالها إن لم تزِد نتيجة عدم محاسبة المفسدين وحينها سنتغلب حتى على السودان والصومال لنحتل المرتبة الأولى عالمياً في الفساد كما احتلت بغداد، وللأسف، المرتبة الأولى كأسوأ مدينة في العالم.
نعم.. إن المحاصصة تغلغلت في حياتنا السياسية حيث تتوزع المناصب وفق محاصصة مقيتة، كذلك الحال مع الفساد ومحاربته دخل هو الآخر في المحاصصة... كيف؟
ربما بعضكم سيسأل كيف دخلت المحاصصة في الفساد؟ أقول، وعلى لسان بعض البرلمانيين ولجان النزاهة، إن اغلب المسؤولين من وزراء وبرلمانيين ومسؤولين كبار يعرفون بعضهم البعض (ودافنيه سوة) كما يقول المثل العراقي، وبما أن أغلب الكتل السياسية المتنفذة لها ممثلوها في لجان النزاهة، لذا فإن تلك اللجان إذا ما أرادت كشف ظاهرة الفساد هنا أو هناك سيبرز إلى الواجهة ممثل الكتلة السياسية في لجان النزاهة ليدافع عن (الفاسد) الذي ينتمي لكتلته، وإذا ما أصرت لجان النزاهة على كشف الفساد فإن ممثل الكتلة السياسية تلك سيضرب في منطقة (تحت الحزام) مهدداً أعضاء لجان النزاهة بكشف ملفات فساد تعود لمسؤولين يمثلون كتلهم السياسية، وأمام هذه الحالة ستصمت لجان النزاهة عن كشف المفسدين وفق مبدأ (ضملي واضملك)!
ما المطلوب إذن...؟
الجواب بسيط، لكنه ربما يكون صعباً أمام رؤساء الكتل السياسية المتنفذة، إذ عليهم أن يكونوا نزيهين وشجعانا ويتجردوا عن انتماءاتهم الطائفية والقومية والمذهبية ويضعوا نصب أعينهم ثروة العراق. نعم عليهم أن يحاسبوا هم لا لجان النزاهة إذا ما لمسوا أن وزيرهم أو نائبهم تحوم حوله قضية فساد، لا أن ينبروا مدافعين عنه ومهددين بكشف ملفات فساد لوزير من كتلة سياسية أخرى، وحينها ستبرز مرة أخرى ظاهرة (طمطملي واطمطملك)!
نقول.. الفساد لا يختلف بشيء عن الإرهاب، فكلاهما دمر البلد، والفساد لم يعد قضية رشوة عابرة فقط بل أصبح سلوكاً يومياً نعيشه، وكل الخوف إذا ما استمر الفساد بهذه الصورة فإن انهيارا شاملا سيصيب مرافق الدولة ومؤسساتها والتي ربما لن يبقى لها وجود سوى بالاسم.