ماتت (درية)


لا أتحدث عن العالم والشخصية الكردية الكبيرة محمد علي عوني السيوركي، فالكتابة عنه تحتاج الى مقال طويل، بل الى كتاب. ولكنني أكتب الآن عن رحيل (درية) وأقف لحظة صمت ومأتم وأقول (ماتت درية) ثم أقول:
لم تكن درية قد عاشت في كردستان ولكنها كانت تفرح برؤية كردستان. كانت تعيش بين (باريس) و(القاهرة). كانت مصرية الجنسية. وولدت هناك. وكانت تحب مصر والمصريين. ولكنني لم أر الا قليلاً من الناس يحبون الكرد مثلها. او متعلقاً بالكرد مثلها. كنت قد رأيتها في زياراتها للسليمانية عدة مرات. ولكن ما قربنا من بعضنا هو عضوية المؤتمر الوطني، كنا نرى بعضنا مرة في العام في المؤتمر في (بروكسل). من الحقيقة أن المؤتمر الوطني هو تحت ظل (ب.ك.ك) وهو الذي يرعى مؤسساته ومقره في (بروكسل) ولكنني أفرح أكثر من أي شيء ان أرى في تلك المدينة الأوروبية الكبيرة مقراً. كتب اسم الكرد على لافتته ولم يتمكن الترك من إغلاقه، وكان المؤتمر يجمع في السابق عدداً ملحوظاً من الكرد البارزين. ولكن درية كانت تبدأ بالحديث كعضو في (ب ك ك). وكانت تقول: لست عضواً في ب ك ك، ولكنني من اي مكان أكون فأنا (سيورك)ية ويجب أن أعرف بأنني أرى في بلاد كان المنع بالتحدث باللغة الكردية يشمل حتى التحدث بها في الدار لمدة سبعين عاماً، قد نشأ حزب يملك ملايين اعضاء ومناصرين في شمال كردستان، بل في المدن التي يقطنها الأتراك. إن نشوء هذا الحزب لم يكن يتخيله حتى الترك الطورانيون. ولذلك أساند (ب ك ك) واستمع للنقد ايضاً. ذلك النقد الذي هو للبناء لا الهدم. ولكن حصته أنني مصرية، وترعرت على هواء مصر ومياهها هو هذا – كتابي (عرب وكرد.. وئام أم خصام). لأنها كانت تؤمن بصداقة الكرد والعرب. وكانت تعتقد أن الكرد والعرب يجب أن يكونوا أصدقاء، ولكن ليس على حساب إنكار ما يطالب به الكرد وهو من حقه. إذن كان لدرية فكرة أممية. من غير أن تكون لها علاقة مثلنا بتنظيم ما.
بموت درية فقدنا شخصية كردية كبيرة سنحس في المستقبل بفراغ مكانها. يجب أن نبحث بعدها عن اخويها (صلاح الدين والآخر) ونقول لهما إنكما مصريان ولكن يجب ان تشعروا بـ (سيورك) يتكما، وتعملا من اجل محمد علي عوني ودرية، وتبحثا عن مخطوطاتهما التي لم تطبع.. وانا واثق من وجودها لكي نقوم بطبعها. سمعت ان المؤتمر الوطني الكردي (knk) قد اصدر بياناً جيداً حول رحيل تلك الكردية الكبيرة. ويجب ان تقوم الجهات الأخرى بذلك وتعرف اننا فقدنا مناضلة كبيرة، واقتراحي للمؤتمر الكردي الوطني ان نسمي المؤتمر السنوي القادم له بمؤتمر (درية محمد علي عوني) وتخلد بذلك ذكراها، وندفع الكرد لذلك أن لا ينسوا درية محمد علي عوني واعمالها.
الخلود لدرية الكردية المصرية السيوركية
والمجد لدور المرأة الكردية في الكفاح