وقائع طائفية

ان تدافع عن أبناء طائفتك فأنت لست طائفيا. كما المدافع عن وطنه ليس شوفينيا او عنصريا. إذن متى يكون الإنسان طائفيا ؟ ليس في حقده الأعمى على الآخرين او في إيمانه بأن أبناء مذهبه يستحقون العيش وغيرهم لا يستحقه، وحسب، انما أيضا بعلامات بعضها بائنة على وجهه وأخرى في سلوكه وحتى في تقاطيع وجهه.
أستغرب صديق لي قبل أيام من اعتراضي على اتهامه لبعض من الأسماء السياسية والثقافية والإعلامية، سنية وشيعية، بأنها طائفية. بمحبة شديدة قلت له حذار من أن يخدعك الطائفيون وتخلط بينهم وبين المتدينين. فلرب صاحب عمامة بيضاء او سوداء قلبه خال من سواد الطائفية. بينما قد تجد سوادها جليا في قلب سكّير مقيم في نادي اتحاد الادباء، صباح مساء، او في أحلى مراقص باريس ولندن وامستردام.
الشاعر، كما قيل لنا، قلبه مرهف. فماذا تقول عنه لو وجدته يلتقط صورة لنفسه مزهوا مبتسما مع حامل بندقية ملتح وكأنه واقف مع النواب او الجواهري او لوركا رحمه الله. اول علامات الطائفية انها تأتي على الصفات الخيرة فتأكلها، الى أن تأتي على آخر قطرة للحياء فيتحسسها تاركة وجه صاحبها جافا كأنه قدّ من فحم.
آخر يرى ان كل من يدعو امريكا لنصرته على قاتله، او حتى قاتل أبناء مذهبه، جبانا. أيضا طائفي. ليش؟ لأن مرض الطائفية يُنسي الإنسان نفسه. نسى انه في ذلك اتهم أبناء طائفته بالجبن أيضا. شلون؟ أليس قادتهم اليوم بأجمعهم، وفي مقدمتهم المنعمون بالخضراء ومناصبها، استنجدوا بامريكا لتخلصهم من صدام ؟ فمن هو الجبان في هذه الحالة؟
ثم لنعد الى التأريخ ونسأل: ألم يقف الامام الحسين مناديا: أما من معين يعيننا؟ أكانت تنقصه الشجاعة؟ حاشى. لكنه كان يشتري حقن الدماء بأي ثمن حتى ان صاحبه نادى بأهل الكوفة "أعيذكم بالله أن تقتلوا ابن فاطمة، خلوا بينه وبين ابن معاوية". ألم تكن تلك دعوة صريحة للحوار حتى مع العدو من اجل مصلحة أسمى وأغلى اسمها حياة إنسان؟
لا يفكر في احتكار النصر وتجييره باسمه، مهما كان الثمن، الا طالب الكشخة. والكشخة متاجرة. والطائفي متاجر محترف. ولأنه كذلك صار لا يسعده موت داعشي بصاروخ امريكي متطور بل يصر على ان يكون برصاصة طائفية "خاصة" حتى لو كلف ذلك سفك دماء عشرات او مئات من دماء جنودنا وحشدنا الشعبي. نسألك دوام نعمة العقل يا رب!