الغربان المهاجرة

لعله لا ينقضي العجب عندما تسمع خبر انضمام رياضي مشهور كالالماني بوراك كاران لاعب منتخب ألمانيا للشباب الذي ترك ساحات الخضراء والتحق بساحات الحمراء أو ممثل أو حتى مخرج افلام الذي يستخدمونه الآن في صناعة افلام النحر وتقطيع الاوصال كل ذلك يدعوا إلى العجب فمن منا يملك من نفسه أن يترك شقة مؤثثة وسيارة فارهة وعناية صحية فائقة والنوم الهانئ أقصد بذلك نوع العيش الذي اعتاد عليه الإنسان الأوربي. والذي بدوره لم يفرغ وسعا ولم يعدم حيلة في ترك كل هذا والتحاق بمجموعات الموت -الجهادية- وتزداد تعجبا عندما تجري مقارنة ما بين أبناء هذه البلدان الملتهب بالنيران الذين يلتحقون من الأوربا افواجا من -المغرربهم- فأنك سترى المشهد بشكل مغاير فالواحد منا يحاول وبشتى السبل أن يحصل على تأشيرة سفر إلى أوربا هذا بشكل قانوني أما غير ذلك فإنه سيضطر إلى سلوك الطريق الثاني وهو التهريب وما يحدث من ظروف مأساوية على المهاجرين غير الشرعيين ليس بخاف عليك كل ذلك العنت والإرهاق والخوف من اجل الهروب من مناطق الاشتعال إلى أوربا حيث السلم والأمان. ويأتي بعد ذلك الأوربي من فرنسي والماني ....والقائمة تطول يترك ما ينعم به من أمن وأمان ويطير بجناحين اسودين إلى بؤرة النزاع والقتال إلا يدعوا ذلك إلى القلق والعجب معا

ربما سيزول العجب عندما تسمع قول المفكرالروسي (سوروكن) ونظريته (الدائرة) والتي مفادها : أن هناك قطبان في العالم .؟ واحد منها روحي والآخر مادي ،فالروحي بعد أن يصل الى الذروة في العمق الديني ولا يستطيع بعد ذلك أن يشبع رغباته الروحية يتقهقر إلى الأسفل حيث المادية والحس وكذلك نفس الأمر مع القطب الآخر وهو المادي فإنه بعيد وصوله إلى الذروة واشباعه لجميع رغبته ونزواته فعندئذ يشعر بفراغ روحي كبير فيجنح إلى القطب الروحي ؟! ويبدأ بما انتهى منه قرينه الروحي انا بتقديري البسيط أن هولاء اللذين التحقوا بالمجموعات الإرهابية من أقطار أوربا ما هم إلا أشخاص قد أصابهم الملل والضجر من حياة تتسم بالترف فذهبوا لكي يمارسوا تجربة جديدة وهي القتل والقتال ! فهم بطبيعتهم يبحثون عن التشويق أو يسعون للتحقيق أنفسهم فركوبهم للخطر في العاب شديدة التهلكة ما هو إلا دليلا إضافيا على ما نقول . وليس صحيحا ما يعتقده نيكولاس راسموسن مديرالمركز الوطني لمكافحة الإرهاب بأن التنظيم يعرض مشاهد على مواقعه الإلكترونية . مشاهد في الطبيعة ومشاهد عائلية للحياة في مناطقه ؟! أعتقد فعلا أن مثل تلك المشاهد هي التي تجذب وتجند مقاتلين أجانب في صفوف التنظيمات الإرهابية والذي يقدر أعدادهم بمئات الآلاف قد يكون التنظيم تعمد استخدام الأناشيد جهادية تثير أحاسيس مواطنين الاوربين بعدين عن المشهد الحقيقي للقتال مستهدفا بذلك جذب الفراشة للنار ولكن هذا لايكفي تجنيد هكذا عدد من المقاتلين ولا أنسى أن أكثر المجندين من أوربا هم من الفئة التي انتمت حديثا للدين الإسلامي.