رسائل الى رجل حكيم الرسالة السادسة والتسعون

 

 

ايها الرجل الحكيم ..

 

هل انت بحاجة ان اذكرك عن اثر المعاناة في نفس الانسان كي يكون حكيماً؟

 

اذا وجهت لي انتقاداً لاذعاً وقلت ليس كل من يعاني يكون حكيماً فانا اتفق معك واؤيدك تمام التأييد.

 

انا اعرف جيداً كما انت تعرف ان المعاناة قد تذهب بالانسان الى الاحباط والانكماش في زاوية مظلمة وقد تؤدي به الى الضعف والهزال وقد تنحدر به الى مهاوي الجنون.

 

مع كل ذلك فانت انسان وان وجودك مبني على المعاناة في هذه الحياة وعليك ان تتحمل قدرك في هذا الوجود.

 

السؤال الآتي الذي يترآى امام العين هل يستطيع ان يتخلص انسان من المعاناة؟

 

الجواب واضح وموجود فان ديمومة الانسان تتوقف على المعاناة في هذه الحياة.

 

الدرجة تختلف من انسان لآخر وان الرجال العظام هم وحدهم الذين يتحملون المعاناة الكبيرة بل بكلمة اخرى فان المعاناة الثقيلة هي التي تخلق الحكماء.

 

انت تريد ان تسير في درب الحكمة وتطمع في ان يكون الدرب امامك سهلاً ميسراً مفروشاً بالورود؟

 

انك بقدر ما تعاني من مشكلات نفسية او مسائل اجتماعية او قضايا وجودية وتحاول ان تقف ازاءها صلباً قوي الشكيمة بقدر ما تحقق ذاتك في التغلب على كل صعوبة تعتريك او تعترضك.

 

الا تلاحظ انك كلما ازددت معاناة من حالة معينة ازددت قوة وارتفعت درجة وشعرت انك اقوى مما كنت عليه؟

 

تلك حقيقة لا بد ان تضعها نصب عينك لان المعاناة هي التي تعتريك طاقة للمقاومة وحفظ الذات والتغلب على ما تلاقي من مشكلات.

 

كل شيء بحساب وعلى قدر اهل العزم تأتي العزائم وليس من طبيعة الاشياء ان تكون حكيماً من دون ان تتحمل مزيداً من المعاناة.

 

نجاحك يكمن في تقبل هذه المعاناة لانها قد تكون مفروضة عليك وخلاصك في ايجاد الحل النابع مما تعاني وتحتمل.

 

قد تعاني من منطوق نظرية فلسفية لا توائم مزاجك او انت تختلف في الرأي مع قائلها ان نجاحك يتوقف على ابداع نظرية تؤمن باحقيتها بدلاً من التأسف والتأسي والانحسار.

 

تعاني من انهيار القيم التي تعيش بين ظهرانيها فليس الصواب في ان تعاني ثم تقعد في زاوية بعيدة.

 

كل الحكماء الذين كتبوا نظرياتهم في تأسيس المدن الفاضلة كانوا يعانون من سوء الانظمة الاجتماعية والسياسية وسوء تدبير الحكام.

 

هؤلاء هم الذين غيروا وجه التأريخ الحضاري للامم وانقذوا الانسانية من كهوف التخلف وتقدموا بهم او قدموا لهم الدرب الصواب نحو الحياة الكريمة والعيش الرغيد.

 

هذه هي الحقيقة اضعها امامك بحسب اجتهادي ووفــــق تصوري اذ ليس من طبيعة الامور ان يولد المرء حكيماً قد يكتنز الحكمة من بطون الكتب على ان بناء كيــــــــانه الحقيقي يتغير بالتغلب على المعاناة.