الإدارة في ظل العولمة

 

 

تجتاح العولمة في تيارها الجارف الكثير مما درجت عليه الانسانية من علاقات تعتمد الاخلاقيات والرحمة التي امتلأت بها النفوس، واشتركت فيها البشرية بمختلف الاجناس والمواقع في انحاء الكرة الارضية الاربعة.

 

ولا شك في ان الادارة الجديدة التي صاغتها عقول علماء لتتماشى مع ما تفرضه قواعد العولمة انصبت في الاساس على تجاوز الحس الانساني واسقاطه من أية برمجة أو ممارسة. ان علوم الادارة الجديدة انما تمحورت حول الحقائق الجديدة التي ارتبطت باستخدام ليس الآلة وانما دقائق الالكترون التي اتاحت كل هذا الكم من التسهيل في عرض المعلومات وفي اداء الاعمال وتنــــفيذها.

 

وكانت للتبادل التجاري وما يرتبط به من تأديات مالية اجراءات جديدة وهو الابرز اذ وصلت الى ان البواخر الناقلة للبضائع لا تتحرك من موانئها الا بعد ورود اشارة موثـــــوقة تؤكد بأن اثــــــمان البضائع التي تحملها قد دخلت في حساب البائع في البنك.

 

ان التجربة الانسانية في استخدام الادوات والآلة في العملية الانتاجية مرت بمراحل متعددة. وترتب على هذا الاستخدام تطوير في الانتاج كماً ونوعاً، وتطلب من العاملين جهوداً اضافية دون مراعاة من رأس المال أو تعويض. وهو ما دفع القوى العاملة الى التململ والاحتجاج أوصلها الى التصادم الذي دفعت به الدماء ليكون يوم عيد عالمي لها. واتجهت هذه القوى الى تنظيم صفوفها عن طريق النقابات والاتحادات والتجمعات المختلفة، لتوحيد قواها في صراع طال أمده لأكثر من قرنين، لتصل الى ما يصون حقوقها ونيلها ما يديم لها كريم الحياة، في تتابع منطقى أوصلها الى المشاركة في الادارة.

 

ولا نغفل ما كان بجانب ذلك من ممارسات رسمتها سياسات الانظمة التي اعتمدت أنماطاً اقتصادية اخرى أوصلت القوى العاملة الى مستوى العبودية، باعتبار ان النظام السياسي هو ما يجب ان يبقى ويدوم وكل ما عداه يزول وتطويه الايام.

 

وفي مطلع الثمانينات من القرن الماضي أشهرت العولمة سيوفها بوجه قوى العمالة المنظمة وخاصة في بريطانيا حيث حطمت نقابات واتحادات كبيرة لعبت أدوراً هامة في ارساء قواعد علاقة رأس المال بقوى العمالة، لتترك فراغاً تقلص فيه الاحساس nعلى الاقل- بالكينونة الانسانية.ومن الواضح ان العولمة تراهن على مرور الزمن باعتبار انه سيخضع القديم للنسيان وتخلو من عقول البشر وأساليب حياتهم. وهذه مراهنة غير قادرة ان تفعل فعلها، قياساً بمراهنات اخرى طرحتها موجات كثيرة وطاغية واجهتها البشرية بعناد واصرار على الحياة وعلى المنسوب العالي من الحرية، ولم تستطع ان تصل الى ان تمحي من الذاكرة الانسانية تسلسل ما واجهته من التحديات على مر العصورلم تفقد فيه أو تتنازل عن الحنين في العودة الى الروح.