عنوان صحفي يكفي 28

 

هل سيكون المستقبل للصحافة المتخصصة ..؟ وإذا كان الجواب بنعم .. لمـاذا .. ؟

 في البداية لابد من الاشارة الى المعنى رغم وضوحه من العنوان ، وهو( انها صحافة متخصصة لأنها  تخاطب جماعة  معينة ، أو جمهورا بعينه ، بصفات مشتركة ، ونمط ثقافي معين ، وتهتم بمواضيع محددة ) ..

ويتفق المتخصصون على أن المستقبل للصحافة المتخصصة ، لأنها من سمة العصر الذي تعمق في الاختصاص الى حد التخصص الدقيق ، ضمن التخصص الفرعي، ولم يكتف بالاختصاص العام فقط ..

 وقد أصبح العالم بعد التوسع الهائل في وسائل الاعلام المختلفة ، ومنافستها الشديدة للصحافة التقليدية ، بما فيها النيت باستخداماته المتعددة   يتجه الى التخصص في الصحافة أيضا  ، كما هو حال مجالات الحياة  المختلفة  الاخرى ، بما فيها العلوم بسبب التقدم التكنلوجي الكبير وزيادة الحاجة الى المعرفة باستمرار…

فكما ظهرت في الطب ، والهندسة ، والعلوم الطبيعية والاجتماعية والفنون والاداب وغيرها تخصصات ظهرت في الصحافة صحافة التخصص ، وهي تخاطب جمهورا معينا لتواكب العصر أولا ، وتكون لها القدرةعلى  أن تواجه التحدي التنافسي  الذي فرضته  تلك الوسائل ، وتسد حاجة القارىء المعرفية والاجتماعية  في الوقت ذاته ..

ومن هنا أصبح  التخصص فرعا من فروع الصحافة ، وظهرت الصحف والدوريات  المتخصصة والصفحات المتخصصة داخل الصحف والمجلات العامة  ، لأشباع الحاجة المعرفية الخاصة والعامة  للانسان ، وتوزعت على أساس الموضوع ( المادة الصحفية)

والفئة والنوع  ، أي  الجمهور الذي تخاطبه  ..فظهرت الصحافة الرياضية والادبية والفنية والعسكرية والعلمية والطبية بمختلف تخصصاتها والسياحية والاثارية والحوادث والمرور والمرأة والإسرة والشباب والاطفال والعمال والفلاحين والطلبة  والمحامين الخ ، وصحف الاحزاب والاتحادات والجمعيات والنوادي والبرلمانات والدبلوماسية ، وصحف التسليه والترفيه والهوايات كالخيول والطيران وغيرها الكثير الكثير.. ..

وتشترك الصحافة المتخصصة ، مع الصحافة العامة في سمات مشتركة وأخرى خاصة بها بسبب طبيعة المادة والفئة والجمهور ، وخصوصيتها تتطلب الوضوح ، وعرض الارقام والمعلومات  وكل ما يتصل بها ، بطريقة يستطيع أن يفهمها  الجمهور الذي تخاطبه  ، وتحقق  الفائدة والهدف من النشر.

وفي هذا الاطار لا بد أن يكون  للصحافة المتخصصة تميزها ، وجهدها الخاص بها ، ومن هنا ينبغي أن لا تكتفي بعرض المعلومة التي تحصل عليها ،  وإنما  عليها أن تتوغل فيها الى العمق وتتبع تفاصيلها الدقيقة ،  وتكشف اسرارها ، وقد تصبح ملفا واسعا ، أوموضوعا استقصائيا  كبيرا ، أو قضية تترتب عليها اجراءات وحلول ..

وفي السياسة ظهر التخصص أيضا ، ولكن ليس من خلال الاهتمام  بالخبر العادي كما تتداوله الصحف  والاذاعة والتلفزيون الخ  يوميا ،  بالتحقيق والتحليل ، وانما على شكل دراسات جادة وعميقة ومنهجية ، وقد تشارك فيها جهات استراتيجية وإستخبارية وبحثية ، تساعد الجهات المعنية ، بما فيها اصحاب القرار،  ورسم السياسيات لتلك الجهات او البلاد عامة  .

كما اتجهت الكثير من مراكز البحوث والدراسات الى إصدار دوريات  خاصة تتعلق بمواضيع أودول أو قضايا أومشاكل تحظى باهتمام محلي او اقليمي أوعالمي ، ومنها على سبيل المثال  دوريات تختص بفلسطين  وقضيتها ، واسرائيل ، ودراسات افريقية ، واسيوية ، وتقارير استراتيجية تتعلق بالدول والاقتصاد والنفط والغاز والغذاء وغيره ..

وهناك من الصحف ، بما فيها العربية ، لديها مراكز بحوث إستراتيجية ، ومنها مؤسسة الاهرام القاهرية على سبيل المثال ، وتصدر عن مركزها دوريات متخصصة ومتابعات تتناول اهتمامات متنوعة ، شهرية وفصلية وسنوية ومنها الملف الاستراتيجي العربي مثلا ،  و يصدر نهاية كل سنة ويتناول الواقع العربي بمختلف حالاته وقراءته له واحتمالاته المستقبلية .

وفي احد اللقاءات اقترحت على الدكتور احمد عبد المجيد رئيس التحرير انشاء مركز دراسات في (الزمان ) يعنى بالدراسات المتخصصة والاستراتيجية ، لاننا في العراق نفتقر الى مثل تلك  المراكز والدراسات ، وكررت  طرح المقترح في مقال في عدد  صحيفة الزمان ( 5000)  بعنوان (الزمان .. دور وملاحظات ) لان المشاكل  والتحديات التي تواجه البلاد  اليوم بحاجة الى افكار ورؤى العلماء والاساتذة والمفكرين  والباحثين ، وأن لا يقتصر الامر على الاخبار والكتابات الآنية والتعليقات والتحليلات الظرفية … ولا بد من  التأكيد على هذا الموضوع باستمرار كونه مهمة وطنية قبل أن يكون حاجة صحفية .

أن وجود صحف  متخصصة يعني في النهاية  ليس إصدار صحف ودوريات متخصصة ، تفيد شرائح واسعة فقط ، وانما تساعد كذلك  في إعداد  صحفيين متخصصين ، وليس مهنيين فحسب وتتيح لهم التجربة وتراكم الخبرة ، والاختصاص الخاص ،  أن يكونوا أصحاب رأي وخبراء في اختصاصهم  لمساعدة  أصحاب القرار والجهات المعنية ، بما يحقق في النهاية  نهضة  في المجتمع عموما  ، وتشكل  تلك  الصحف المتخصصة  بمجموعها في النهاية منابر علم ودور معرفة ووسائل تقدم للبلاد في كل قطاعاتها وشرائحها ، التي يتكون من  مجموعها الوطن ..

ولكن أين نحن من ذلك ..؟

الجواب عند أصحاب الاختصاص …