أيها الولد الرسالة الرابعة

 

تذكر دائماً انك عضو في مجتمع، ولم تكن في هذا الكون وحدك. ارجو ان تتحمل اذا ما صارحتك في القول، انك لم يكن لك وجود لوحدك.

 

انت انسان بقدر ما تحيا مع الجماعة المحيطة بك، وهذه الجماعة هي جزء من المجتمع. عليك اذن ان توطن النفس مع هذا المجتمع الذي انت جزء منه، ولولا وجوده لم يكن لك وجود.

 

تفاعل اذن مع من يحبطون بك، بحيث تأخذ بمقدار وتعطي بمقدار، فتحفظ التوازن وتحيا حياة مريحة تخلو من السلب والاطناب.

 

ليس من الصواب في شئ، ان تغلب عندك ظاهرة الأنا، فتشعر بالانعـــــزال وربما بالتضخم والكبرياء، فتكون المحصلة النهائية انك انت الخاسر وليس غيرك.

 

مهما شعرت بالتألق والارتفاع، اذا ما ملكت شيئاً من الحصافة والتفرد في صنعة من الصناعات، فانت من صنع هذا المجتمع المحيط بك.

 

ليكن في علمك انك من نبت الارض التي وجدت فيها، على ان كل ما تتميز به من مهارة في صناعة من الصناعات، هي من غرس غيرك.

 

هل تستطيع ان تنس فضل الذين ربوك وعلموك على مدى تعاقب السنين، واضاءوا الدرب امامك، كي تسير مرفوع الرأس ساطع الجبين.

 

اشكر النعم دائماً، تلك النعم التي اضفاها عليك من يحيطون بك، وكن اهلاً للثقة، كي تعطي بمقدار ما اخذت. وان تزيد بمقدار ما توفر لك من إمكانات، لتثبت انك اهل للأخذ والعطاء.

 

انك تعرف قدر نفسك، بمقدار شعورك في المكان الذي تقف فيه، وسط هذا المجتمع الزاخر بالتوافقات والاختلافات والمتناقضات.

 

اعلم انك مهما اوتيت من العلم، وتجد في نفسك القوة على فعل اشياء صعبة كثيرة، فان المجتمع هو الذي يوحي لك بذلك.

 

انك بكل بساطة تعرف قدر نفسك، او بكلمة اخرى، تكتشف مدى قوتك، اسأل نفسك حين تخلو مع ذاتك، هل كان با مكاني ان اقدم ما قدمت، لولا ما يوحي به الآخرون، عن قصد او غير قصد.

 

اثبت نفسك دائماً، انك اهل للتعايش مع الآخرين، مع الاحتفاظ با ستقلالية كينونتك التي تميزك عن الآخرين.

 

هل تريد ان ارجع بك الى البداية، فا ذكرك، بان القدرات العقلية ام الجسمية، ما هي الاخلاصة مازرعه الابوان في صلب كيانك.

 

بعد ذلك يأتي اثر الجماعة التي فتحت العين على تعاليمها، وانت تقلد ممارساتها اليومية، وما يتبع ذلك من أثر المجتمع الذي يغرس فيك القيم والتعاليم ، فتشب عن الطوق، فتحسب انك قد اكتسبت هذا كله بمهارتك، مع ان الجزء، الاكبر، هو في ماغرسه الآخرون في حياتك، من حيث تدري، ام انت لا تدري.