فيروز تهوّس: ها خوتي ها!

ما زارني صديق ثم غادرني إلا وسألني في اول اتصال له: شلونها فيروز؟ فيروز هذه ببغاء اقتنيتها قبل عام تقريباً يوم كان عمرها أقل من سنة. كانت خائفة دائما بفعل طريقة تصرف مالكها الأول معها الذي قص جناحيها بقسوة. أما اليوم، فقد صارت تطير وتملأ الدار مرحا. وصارت أيضا شجاعة غير هيّابة ابدا. لم يكن اسمها فيروز من قبل بل نحن من أطلق عليها الاسم.
مشكلتي معها اني لا اجيد تدريبها بل تاركها على الله، كما يقولون. سألت مرة مختصا عن مشكلة خوفها وخجلها فنصحني ان اجرب اسماعها الموسيقى والاغاني واراقب ردة فعلها. جربت فلم يستوقفها غير داخل حسن. أتصدقون؟ حين تسمعه تخرج من قفصها وترفرف جناحيها وتظل تتمتم معه بكلام غير مفهوم. تغضب جدا حين تنتهي الاغنية.
ذات مساء فاجأتنا وهي تغني: لاله ولو .. ططو. تقول الططو بلسانها لتأتي طكة اصبعتين اقوى من تلك التي يؤديها حضيري. كاد ينبطح الصديق باسم قهار على ظهره من الضحك يوم غنتها معه. تارة يصفق لها بطكتين فتجيبه "لاله ولو" او هو الذي يقولها فترد عليه بالطكتين.
عندما يزورني صديق لأول مرة تسألني فورا: منو؟ وان لم تكن مرتاحة للزائر تستفهمني: منو .. منو؟ وعندما أقول لها انه صديقي لديها ثلاثة أجوبة: أما ان تلفظ اسمي دلعا فتقول "هشوم"، فمعناها اطمأنت. او ترد علي باسمي العادي وكأنها تقول احذره. أما الرد الثالث فخلوها سكتة لانه يحرجني كثيرا امام الزائر.
فيروز ببغاء من نوع "كاسكو". يعرف بلونه الرمادي وذيله الأحمر الفاتح. ما يفرقه عن باقي الببغاوات انه لا يردد الكلمة فقط بل يعرف معناها بالضبط لذا تجده يحاورك. المختصون يقولون ان عقله يساوي عقل طفل بشري في السادسة من عمره.
ولأننا نتابع اخبار معارك قواتنا في تكريت على مدار الساعة تقريبا، انتبهت فيروز للهوسات التي ترافق اغانينا. منذ شهرين صارت تهوّس: ها خوتي ها .. ها .. ها .. ها. لا تضبط ايقاعها فقط بل وتفهم معناها أيضا. سأريكم:
من طبعها انها اذا جاعت تبدأ بصفير جميل. فان لم ننتبه تنقر على وعاء الاكل المعدني لتنبهنا. فان لم نستجب تغني "لاله ولو" ثم "عيني ومي عيني .. يعنيّد يا يابه". فان لم ينفع كل هذا معنا تحشّم بعالي الصوت: ها خوتي .. ها.
لكن ماذا لو لم نستجب حتى بعد الهوسة؟ ينبض برأسها العرق العراقي لتوبخنا بطريقة عراقية تتمنوها لعدوكم.