ضياع العبادي بين العقلاء والجهلاء!
ذات يوم مشرق دعا سقراط ضيوفه الى مائدة، ولاحظ أحدهم أنه ليس على المائدة ما ينبغي، إذ ينقصها شيء كثير فقال له: كان ينبغي أن تهتم بضيوفك أكثر، وتعتني بألوان الطعام المقدم لهم، فأجابه سقراط مبتسماً: إن كنتم فعلاً عقلاء فعليها ما يكفيكم، وإن كنتم جهلاء فعليها فوق ما تستحقون!.
ميزانيات العراق الإنفجارية لم ينلها الشعب يوماً وفقاً لإستحقاقه، ولو طرح بعض المسؤولين مشروع قرار يخدم شرائح كبيرة من المجتمع، فالرد سيكون بأن النواب مانعوها وسلبوها شرعيتها، بكثرة الجدل والمناظرة الفارغة والتأجيل، لحين نسيانها وتناسيها في أدراج البرلمان، وعندئذ ستكون الحكومة قد أوفت بإلتزاماتها إتجاه شعبها الكريم فالأغلبية لم تصوت!.
فتح سجلات الدهشة أمام عقلاء البرلمان يتطلب وقتاً كثيراً، والسبب أن ما على المائدة من أموال وخيرات تم نهبها، مما جعلتنا نخرج منهم بآهات عجيبة!، كانت تكفي العراقيين سنوات طوال، ولكن المتصفح بأوراق الفساد، يدرك أن سقراط كان محقاً بقوله حول الجهلاء، الذين لم يفكروا إلا ببطونهم وأرصدتهم، ليخبؤوها بين مستنقعات الفشل.
إيصال رسائل إنسانية من العبادي الى الساسة، الذين يزمرون للحرب والمجادلة حول كل شيء وأي شيء، يجب ان يكون مفادها: اليوم نحن من نحدد شروط الحياة على أرض الواقع، أما أنتم فمجرد أضغاث أحلام، تحاولون بكل الطرق أن تجعلوا من العراق، مربعاً تائهاً تدور حوله الدوائر دون أن تحركوا ساكناً، وهذا ديدنكم وليس بالجديد.
حكومة السيد العبادي بدأت تعالج أخطاء كثيرة وقع الفاشلون فيها، ولم تكن تحتاج لمدة ثماني سنوات، لكي يدرك العالم أن العقل جوهرة ثمينة لا يحصل عليها كثير من الساسة، ولم يفكروا بما حولهم فأخذتهم الرياح حيثما إتجهت، وبات العراق يحمل فكر طائفياً بإمتياز، دون الرجوع ولو لمرة واحدة لتأريخنا الواحد.
خلق واقع جديد نستطيع التحرك فيه بوطنية عالية، يتم عن طريق الإستفادة من الدروس والعبر الماضية، للحد من التطرف وصراع الطوائف والمذاهب، لكي يشعر الشعب بأنه يعيش وفق معطيات الإنتماء والمواطنة، ويرى بأن الطعام الموجود على المائدة لا ينقصه شيء، سوى صفاء نية وإبتسامة نقية، والعقلاء أن جالسوا الحليم تكفيهم الإشارة!.