لغة العصر فيسبوكية

 

بفضل من الله تعالى استطاع الانسان العاقل تسخير الآلات والاشياء لخدمة البشرية جمعاء, فكان الانترنت من تلك الوسائل التي انجبت الفيس بوك (التواصل الاجتماعي) شاغل الدنيا ومحطم قلوب العذارى وخزانة الرسائل والمخاطبات السريعة الفاضحة للواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي وباقي صعد الواقع بالصوت والصورة والاشارة والتلميح والنقد والتجريح …

 

على كل حال .. فان للتواصل الاجتماعي لغة خاصة غريبة عن لغات العالم شعوبا وقبائل فهي لا تشبه لغة انسان الكهوف في عصور ما قبل التاريخ ولا في العصور التاريخية الوسيطة , ولا يمكن وصفها بكونها لغة عربية او انكليزية او اوردية.. لها مفرداتها العجيبة واختصاراتها البليغة واخطاؤها الاملائية والنحوية الجميلة , اي ان لها نكهة خاصة يتداولها الكثير من دعاة الثقافة والتقنية (الراسخون بفقه اللغة الجديدة) الجامعة بين الفصيح من الكلام واللهجات الشعبية وبعض المفردات الاجنبية …

 

والادهى الامر في ذلك ان من يتداول تلك العبارة طلاب جامعات وخريجون لايفرقون بين كلمة (شكرا) وكلمة (شوكرن) او كلمة (شيكرن) اعترافا بجميل ما ويتداولون مفردة (الادمن) و(ههههه) وكان لغتنا الجميلة العربية اصبحت عقيمة ولا حاجة لها وهي لغة القرآن والثقافة والعلوم , لغة العراقيين النجباء ادباء الامة واعلامها الافذاذ وان العزوف عن الكتابة والتخاطب باللغة العربية البسيطة يدل دلالة واضحة على فشل المعنيين التربويين في ايصال علم مهم وغياب المتابعة والتدقيق اضافة الى كسل الجيل الجديد في اهمالهم لرسم الكلمات والتدقيق بالمعاني وقواعد اللغة من نحو وصرف …

 

فبالرغم من ضحالة ثقافة اغلب مستخدمي (الفيس بوك) بتقصير من وزارة التربية والتعليم العالي والثقافة والرياضة والشباب وتقصير الافراد الا ان للتواصل الاجتماعي فوائد جمة تتمثل في زيادة الوعي بالاشياء والاحداث وتكوين رأي عام مؤثر في الحياة العامة اسهم ويسهم في اسقاط حكومات جائرة ويطعن بقرارات حكومية وبرلمانية وينبه الى اوضاع بحاجة الى تصحيح ومتابعة فكان سلاحا يوصف بـ (ذي حدين) يتوجب حسن استخدامه ونبتعد به عن البذاءات وحملات التسقيط ونتجه به الى عوالمه الجميلة من معلومات ومعارف وترفيه بريء…

 

وقد آن الاوان وعلى المجمع اللغوي العراقي والمعنيين في الوزارات ذات الصلة النهوض بمسؤولياتهم في قيادة عملية تصحيح مسارات التخاطب التي هي معيار لا يستهان به لقياس الثقافات ولا بأس من ان تتجه انظار الجميع الى ما يصنعه الاخرون من حضارات وتكنولوجيا متقدمة بلغتهم وجهدهم ومثابرتهم وناخذ منه ما يفيدنا ولكن في الوقت ذاته علينا ان نحتفظ بشخصيتنا المتميزة على الاقل التي صنعتها حضارة سومر واكد وبابل واشور وما تشرب في النفوس من شعر وادب عربي راق …

 

وان ما نخشى عليه في مستقبل الايام ان نغادر التواصل الاجتماعي عبر اللغة العربية ونتخذ من اللغة الفيسبوكية لغة الدولة الرسمية في المخاطبات الادارية وتاليف كتب وزارة التربية لسهولة تداولها وضحالة معانيها .. وختاما نقولها لكم ملء الافواه (شيكرن) و(شوكرن) و(دوووم) ههههه…