عاصفة الحزم..الستارة لما تسدل بعد

 

حسابات القرايا  تختلف عن حسابات السرايا ، كما يقول المثل الدارج ، وتقول المطربة المخملية نجاة الصغيرة  في إحدى أغانيها المخملية :من بدأ المأساة ينهيها ، كما أن المكتوب يقرأ من عنوانه !

والحالة التي نحن بصددها ، تختلف عن قول نجاة الصغيرة ، لكنها تتطابق مع المثل الدارج سالف الذكر ، والمثل الذي يليه ، فصحيح أن من بدأ المأساة ينهيها ، لكن ليس في مجال السياسة وحبائلها  والمؤامرات  التي تفرض علينا من الخارج ، ويكون علينا تنفيذها حتى لو أن  ألسنة اللهب "دبت " في البداية في ذقوننا.

نحن  العرب لم يعد لدينا القدرة على التأثير  في الآخر ، وأن نكون فاعلين ، بل إرتضينا لأنفسنا أن نكون متلقين للضربات ، ومفعولا بنا ، ومنفذين للمؤامرات  ونحن نعلم أنها ضدنا ، وبات واقعنا  يحتم علينا أن نقول لأعدائنا سمعا وطاعة ،  وهذا  ما جعلنا  نتحول  كأي مادة لزجة  ونتقولب حسب الحجم  الذي يراد لنا.

 بعد هذه المقدمة الطويلة ، يجب أن  نقول ، والرائد لا يكذب أهله ، أن عاصفة الحزم العشرية العربية  ضد الحوثيين في اليمن ، لم تنتهي ، كما أعلن المسؤولون عنها ، بل بدأت  ولكنها  وبسبب طبيعة الآخر طويل النفس ، ما تزال في البدايات ، لأننا  أمام أناس عقديين ولهم مرجعية بغض النظر عن إتفاقنا أو إختلافنا معهم .

عاصفة الحزم  التي إنطلقت  قبل شهر  بتحالف عشري عربي فاعل سياسيا وماليا   ، ولديه نفوذ في أمريكا على وجه الخصوص،  لن تنتهي على خير ، بل هي فخ جرى  إعداده ونصبه  بعدوانية  كبيرة لتوريط السعودية ومن بعدها مصر  ، ليسهل تنفيذ مشروع  الشرق الأوسط الوسيع أو الكبير أو الجديد لا فرق.

كل المسوغات التي سيقت حول عاصفة الحزم ، وأنها إستجابة لإستغاثات  الأخوة في اليمن ،  لا تقنع أحدا ، لأن الأمر لو كان يتعلق فعلا بالنخوة ونجدة الملهوف ، لما بقيت فلسطين محتلة حتى يومنا هذا ، فالشعب الفلسطيني ومنذ بدأ الحديث عن الصهيونية وهو يصرخ ويستنجد بالعرب والمسلمين ويصرخ بأعلى الصوت : واعرباه وا مسلماه ، إلى درجة أنه العديد من الصرخات كانت تستنجد بحاكم بعينه ، ولكن لا حياة لمن تنادي ، وبالتالي يحق لنا التساؤل : هل باتت جبال صعدة أهم عند العرب من القدس والأقصى ، أولى القبلتين  وثالث الحرمين الشريفين ، ومعراج رسولنا الكريم إلى السماء بعد أن أسري به من المسجد الحرام في مكة.

وما لا يريد البعض معرفته أن الله سبحانه وتعالى عندما  أمر بالإسراء من مكة إلى القدس والمعراج من القدس إلى السموات العلى ، أراد إبلاغ رسالة  لنا نحن المسلمين  حول

مجمل القول  طبيعة العلاقة بين مكة المكرمة والقدس  ، ولكن المسلمين الذين ألغوا  الجهاد في مؤتمرهم بداكار منتصف ثمانينيات القرن المنصرم ، تعدوا حدود الله بطريقة سافرة .

هل يعقل أن تتحالف  عشر دول عربية  ، ضد فصيل مسلح يقال أنه يضم بضعة آلاف  من المقاتلين ، وهل هذا الفصيل  يشكل خطورة بهذا الحجم حتى نستنفر ونجعله أولوية ، وعلينا  أيضا  أن نذكر بالتحالف الدولي الذي تقوده أمريكا ونسهم فيه حد الرقاب ضد الخوارج الجدد داعش ، وما آلت إليه الهجمات  الجوية   التي ندفع ثمن كل ذرة  تستهلك فيها من أرصدتنا ، وكيف هو حال داعش هذه الأيام ؟

سؤال أترك الإجابة عليه لكل من تحالف من العرب ضد داعس ، ولا بأس من همسة في آذان البعض : لماذا ما يزال داعش يتمدد في العراق ؟ونسمع عنه  وقد دق اوتاده هنا وهناك ، وكأن  جيشه الغريب  من الجان  الذين يتحركون دون أن نراهم أو نحس بهم.

مجمل القول أن أمريكا ورطت  السعودية بشكل خاص لحاجة في نفس يعقوب باتت مكشوفة للجميع ، وسيكون  الأمر متعلقا بإيران في نهاية المطاف ، ولهذا تريد أمريكا ضرب السعودية بإيران والعكس صحيح ، لتلتف في النهاية على السعودية.

يقال أن عاصفة الحزم العسكرية تحولت إلى عاصفة الأمل التنموية وأعلنت السعودية أن العاهل السعودي الملك سلمان تبرع ب 274 ملايين دولار لليمن ، ولعمرى أن هذا المبلغ جاء متأخرا جدا ، وسوف لن يحقق النتائج المرجوة منه ، لأن الحرب لم تضع ولن تضع أوزارها  قبل عشر سنوات على الأقل ، وستتسع دائرة اللهب حتى تحدث أمريكا أمرا قد قررته وهو مشروع الشرق الأوسط الكبير .