دعونا نتكلم بصراحة هذه المرة
 
الطائفية: فتنة الماضي والحاضر والمستقبل. لسنا مغالين إذا قلنا إن أمراء الخليج وفقهاء المارينز اشتركوا بطريقة أو بأخرى في تأجيج الفتنة الطائفية إلى المستوى المدمر الذي وصلت إليه الآن، وأسهموا في تحريض الغالبية العظمى من شعوبهم نحو إعلان حالة العداء المطلق ضد الطائفة الشيعية. لذا سنتكلم بصراحة عن هذه الغالبية الخليجية العظمى من دون مجاملة. فالخليجي خادمته سيخية، وسائقه بوذي، وطباخه هندوسي، ومربية أطفاله تاميلية، وسكرتيرته مسيحية، وحارسه فلبيني. هؤلاء كلهم مثل العسل على قلبه، لكنه لا يطيق جاره الشيعي، ويحرص أشد الحرص على منع أولاده من الاختلاط بأولاد الشيعي. فالشيعي في نظره كافر وفاسق ومجوسي ورافضي وشعوبي وصفوي وخارجي وفارسي. تسري هذه النظرة على كل شيعي مهما كان جنسه أو عمره أو ثقافته. على الرغم من علمهم المسبق بأن القرآن المجيد كتاب الشيعة مثلما هو كتاب أهل السنة والجماعة، والكعبة المشرفة قبلتهم، وأنهم يصلون ويصومون ويحجون ويعتمرون حالهم حال الفرق الأخرى، ولا يختلفون عنهم أبدا إلّا في حبهم المفرط لآل بيت النبوة، وبغضهم الأزلي لآل سفيان.
لا توجد فتوى شيعية واحدة تدعو صراحة لإعلان الحرب على (السنة)، وتدعو لقتلهم جميعاً من دون استثناء، لكنك لن تجد صعوبة في قراءة آلاف الفتاوى التي تنعت الشيعة بالكفر والزندقة، وتصفهم بأبشع الأوصاف، وتضعهم في الخنادق المعادية للإسلام والمسلمين، بل تضعهم في قمة الهرم المعادي للأمة، وتدعوا لإزهاق أرواحهم بالجملة، من دون تفريق بين صغير وكبير. على الرغم من وضوح فتوى الشيخ (شلتوت)، التي أيدها شيخ الأزهر (محمد الفحّام)، والشيخ الغزالي، واعترف بها الشيخ النجار (مدير مساجد القاهرة)، ومصطفى الرافعي، ومحمد رشيد رضا (المحدّث السلفي). هؤلاء جميعهم صرحوا بصحة إيمان الشيعة، وقالوا: (لا خلاف معهم في مسائل لا يتعلق بها كفر ولا إيمان، فالشيعي مسلم. له أن يتزوج بأي مسلمة). حتى ابن تيمية الذي لم يغلظ في حياته على فرقة من الفرق مثلما أغلظ على الشيعة، لم يكفِّر الشيعة بالصيغة السائدة اليوم، وحتى محمد بن صالح العثيمين، الذي لم يتردد في يوم من الأيام عن إعلان بغضه لهم، لم يكفِّرهم أيضاً، ولم يحرض الناس لقتلهم. ومع ذلك فقد تعالت أصوات تكفيرهم هذه الأيام، بحملات يقودها زعماء العصابات الإرهابية المعروفة بتعصبها الأعمى. فظهرت فتاوى العداء على لسان جمع غفير من مشايخ الألفية الثالثة، الذين دعوا إلى طمس معالم مساجد الشيعة، وتسويتها بالأرض، وتعالت أصوات خطباء التحريض بترديد هذه العبارات المعادية للدين نفسه: (سلوا سيوفكم، وعليكم بالرافضة قبل اليهود والنصارى)، أو: (اللهم عليك بالروافض، اللهم جَمِّد الدماء في عروقهم وبطونهم، اللهم سلط عليهم السرطان).
المضحك المبكي أن فقهاء الفتنة لا يكفِّرون تنظيم داعش رغم أعمالهم الإرهابية المشينة المتقاطعة مع شرع الله بذريعة أنهم ينطقون الشهادتين، لكنهم على استعداد تام لتكفير الشيعة من أقصى الأرض إلى غربها حتى لو كتبوا الشهادتين على سطح كوكب المريخ.