تقسيم العراق ام قطع الارحام

كثر الحديث في الاونة الاخيرة وخصوصا من قبل بعض السياسيين الامريكيين وجنرلاتهم العسكريين حول مستقبل اهل السنة في العراق الذين ظلموا او همشوا في حقبة المالكي السوداء والتي رهنت مستقبل العراق على المستوى السياسي والاقتصادي بعد ان امتدت له بعض ايادي السياسيين منهم ومن يدعون انهم شيوخها او ممن يعدون انفسهم ممثلين عنهم في جغرافية المناطق السنية. والحقيقية المرة ، هي ان المالكي ظلم العراقيين جميعا  حتى الكثير من الشيعة الذين اوهمهم انه نصير الشيعة والمنقذ الحقيقي لهم من اخطار توهمها في عقله بان  اهل السنة اعداء له.
ولعل تصريحات السيناتور الأمريكي الديمقراطي «جو مانتشين»، أن أبناء السنة في العراق لن يقاتلوا ليعودوا تحت حكومة شيعية في العراق، هو كمن يخلط الزيت بالسم ، لان السنة ليس لديهم اي اعتراض على اي شخصية شيعية تحكم البلاد ، شريطة ان تعاملهم على انهم ابناء من الدرجة الاولى كحال اخوانهم من مكونات البلد الاخرى وشركاء حقيقيين لهم مالهم وعليهم ما عليهم متساوين في الحقوق والواجبات بغض النظر عما افرزته العملية السياسية العقيمة وبرلمانها الكسيح الذي انجرف وراء كذبة مصطلح الاكثرية والاقلية متناسين ان الشعب العراقي انصهر اجتماعيا وعائليا في نسيج واحد وهوية واحدة اسمها " المواطنة " .
ان فكرة الغرب القائمة على تقسيم العراق على اساس طائفي ومذهبي والتي يروج لها عملاؤه في الطبقة السياسية المأجورة ، الغاية منها ، جر البلاد الى مستنقع عدم التعايش السلمي واقناع  السنة بانه لم يعد لديهم مستقبل محدد يعتمدون عليه ، مستندين الى الواقع الاقتصادي وادارة الحكم باعتبار الشيعة والكرد لديهم الكثير لاقامة مايسمونه الدولتين الشيعية والكردية على حساب اهل السنة فهذا محض افتراء وضحك على الذقون ، لان الارحام الشيعية التي انجبت ابناء واحفادا من ظهور سنية والعكس هو الصحيح ، اكبر دليل على بطلان هذه الفكرة المزعومة التي يراد من ورائها زرع روح الفرقة بين ابناء البلد الواحد ، واذا كانت الحجة او الذريعة ان الشيعة في العراق يتميزون بوجود مرجعية محددة؛ رغم تعدد مرجعياتهم إلا أنها متفقه في الأصول ويتبعها عامة الناس ، على عكس أهل السنة في العراق الذين لا توجد لديهم مرجعية واضحة المعالم راسخة في الساحة السنية ولها كلمة الفصل، بل هي جماعات وكيانات يريد كل واحد منها أن يكون مرجعية وقائداً ومتبوعاً, ماكلفهم الكثير ، فهذا شأن عقائدي وممارسة دينية اججتها اجندات اقليمية لجعل العراقيين وقود نار وفتنة لا ذنب للجميع فيها ، لان العراقيين الذين يعيشون اليوم على ارض واحدة ويتنفسون هواء مشتركا ويشربون ماء واحدا لا دخل لهم بحرب مضى عليها اكثر من الف وستمائة سنة بين انصار سبط نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم والمنشقين عنه ، فسيدنا الحسين ، براء مما تدعون وتتباكون ، فهو اعلم منكم ومن زيفكم ومما تخططون، اما شجعان مكة والإسلام اللذان كانا نعم الاخوة ونعم الصحبة ،( سيدنا عمر وسيدنا علي ) فان حتى التفكير في الدفاع عنهما  ، يعد مثلمةً لهما ، لانهما اسمى وارفع واشجع مما تتنابز به السنتكم وتقيح به قلوبكم المليئة بالحقد والسوء .
واذا قدر لاحد ان يفسر التقارب الحالي الحاصل بين العشائر السنية وتنظيم داعش بالإحباط الذي يعيشه السنة منذ 2003 ، عليه ان يتذكر جيدا ، أن العشائر السنية كانت العنصر الأساسي في تشكيل "الصحوات" التي واجهت مايعرف بتنظيم القاعدة واخرجته من العراق مدحورا ومنكسرا وهذا بشهادة غالبية السياسيين الذين يدعون انفسهم مناصرين لشيعة العراق وعلى راسهم من كان يدعي انه ولي دم العراقيين ومختار عصرهم في اكثر من مناسبة.  واذا كان احد يعتقد ، ان عدم توحد القوى السياسية الممثلة لاهل السنة في العراق ، على خلاف توحد القوى السياسية الشيعية والكردية ، فهو لانهم لم يكونوا ممثلين بحجم ثقلهم ومكانتهم في المجتمع وذلك من اجل تفتيتهم وتقسيمهم واضعافهم لغايات ومصالح شخصية واقليمية .
 من يبحث عن تقسيم العراق عليه ان يجد حلا لأبنائه الذين ولدوا بين ارحام مشتركة من السنة والشيعة وبعض المكونات الاخرى وان يجدوا ارضا منزوعة من العنف الطائفي الذي ادخله المحتل واذكاه اصحاب العقول العفنة التي تحمل جنسيات غربية مختلفة لاهم لها سوى كسب المال السحت الحرام وارقة الدماء الطهور على تراب ارض احتضنت في جوفها الانبياء والاولياء والصديقين ، عندها نقول لهم وبصوت واحد: هنيئا لكم هذا التقسيم الذي تبحثون عنه وتطبلون له طيلة فترة حكمكم الكافر ، فنحن براء مما تدعون ومما تفكرون والله واكبر والعاقبة للمتقين .