نشوة المواطن العراقي


بين الحين والاخر يمارس المواطن العراقي حقه في الادلاء بصوته وفقا لما نص عليه الدستور، وحيثما تحين لحظة الاقتراع تسقط اسماء وتبرز الى المشهد اسماء اخرى، نعم ممارسة الحق الديمقراطي والدستوري ساهمت بتغيير الوجوه والاتيان بوجوه جديدة ولكنها بنفس الوقت لم تساهم بالحد من اتساع رقعة الفساد بين الحيتان الكبيرة، خصوصا ان لحظة الانتخابات عادة ما يرافقها نشاط حثيث للفاعل الاقليمي والدولي بتحضير ممتاز مما يؤثر بشكل او بآخر على قناعة الناخب نفسه، ناهيك ان نتائج الانتخابات هي الاخرى لم تعد معيارا كافيا في حسابات الكتل السياسية بل هناك معايير اخرى اخذت تترسخ لا تمت الى الممارسة الديمقراطية بصلة. لكن صيف العام 2015 كان مختلفا عن الصيوف السابقة لم تكن مظاهرات الكهرباء محدودة ولا مقتصرة على شريحة بعينها او مدينة بعينها، وبعد سلسلة من المظاهرات المطلبية التي تزامنت مع نفاذ صبر المواطن العراقي لنغمة الوعود والارقام الفلكية التي يتحدثون عنها في الاعلام ولا نجد لها اثرا في الواقع مع كل ذلك الياس طفت الى السطح ردود افعال الشارع واخذت يوما بعد آخر تتجاوز قدرة السياسي على الاحتواء او الالتفاف حتى تحولت الى فعل جماهيري جارف. لقد احس المواطن العراقي انه يهدد تلك الحيتان الكبيرة للمرة الاولى، شعر ان سلميته واصراره على التظاهر يزلزل الارض تحت اقدام الطبقة السياسية المنتفعة على حساب المواطن العراقي، شعر بالنشوة وصدق فعلا ان الشارع العراقي قادر على تغيير المعادلة، ذلك الفعل الجماهيري المنضبط بفضل ما يثار بين الناشطين فيه من جدل اجبر العبادي على اصدار بيان من خارج مجلس الوزراء يحدد فيه الخطوات الاولى للصلاح، ويدعو مجلسي الوزراء والنواب للتصويت عليها، ذلك الفعل الجماهيري اجبر الساسة الى الهروب الى الامام وعدم المواجهة خصوصا وان تلك المطالب وذلك الحراك جاء بتأييد صارخ من قبل المرجعية. لقد شعر المواطن العراقي بالانتصار حتى هذه اللحظة ودفع عجلة التغيير الى الامام لكن الحذر كل الحذر من ردة فعل المتضررين بسبب تلك التغييرات، هؤلاء قد ينقلبون على عقبيهم في اية لحظة وقد يستثمرون بعض الحجج التشريعية من اجل المراهنة على الوقت وعدم قدرة المتظاهرين على الاستمرار. ان ما حصل بارقة امل وخطوة في الاتجاه الصحيح ولكن رغم ذلك يجب ادامة زخم المظاهرات اولا: من اجل تحقيق تلك القرارات التي لا زالت حتى الان في مراحل ما قبل التطبيق. وثانيا: من اجل مزيد من الخطوات الاصلاحية. اننا امام لحظة تحوّل اشعرت الكتل السياسية انها في مهب الريح وانها يمكن ان تخسر كل شيء وهذه لحظة تاريخية لا يجب التفريط بها.