هل العمامة قيمة مطلقة؟ حسن النجفي

 

كثيرةٌ هي الاعتراضات والتحفظات التي يبديها بعض الاصدقاء على الانتقادات التي أوجهها من خلال كتاباتي للمعممين الفاسدين في البرلمان، وكأني بانتقادهم ارتكب جرماً بحق الدين والمذهب، فالعمامة بالنسبة إليهم خط احمر لا ينبغي اقتحامه، إذ أن نقد المعمم ولو كان فاسداً (بحسب رأيهم) يسري الى العمامة ويدنّسها، ومن يفعل ذلك فهو إنسان مغرض يسيء الى الدين ورجاله... وبتعبير آخر إن بركات العمامة ودلالاتها الاجتماعية (ولا أقول الدينية) ينبغي ان تعم جميع المعممين فتحصّنهم عن الانتقاد، وينبغي تبعاً لهذا الموروث الاجتماعي (المدّعَى أنه ديني) أن نخلعَ على كل معمم هالة من القداسة تسوّغها مفاهيم رائجة في مجتمعنا لا أصل لها أوضحها: (العمامة تاج رسول الله)... ولست أدري هل لهذه المقولة من أثر في القرآن او في سنة النبي وأهل بيته المعصومين صلوات الله عليهم حتى تكون تسويغاً لقداسة العمامة، أم أنها مجرد رأي شائع يتداوله الناس في بعض المجتمعات المتدينة كمجتمعنا. وحتى لو سلمنا بكون العمامة تاج رسول الله صلى الله عليه وآله فإن رسول الله ليس هو أول من تقلدها، بل كان العرب وغير العرب في ذلك العصر يتقلدون العمائم سواء في الجاهلية أم في الإسلام، واذا كان الامر كذلك فالعمامة هي ايضاً تاج ابي جهل وابي لهب وابي سفيان ومعاوية ويزيد فكل هؤلاء قد لبس العمامة... ولو كان للعمامة هذا الشأن القدسي لما لبسها الهندوسي والبوذي والناصبي، ولكان ينبغي أن تعم بركاتها جميع هؤلاء ايضاً.. فهذا دليل قاطع على ان العمامة في نفسها لا قدسية فيها.
الصواب هو ان القدسية تسري من متقلد العمامة إليها (إذا كان متقلدها يمثل الدين ويلتزم بأحكامه)، وليس العكس كما هو شائع. فالعمامة محترمة ومقدسة بتبع من يضعها من المحترمين والمقدسين.



Hassan Najafi