مثل مدحت المحمود كمثل قاضي جبلة

قبل عدة أيام، أعلن مدحت المحمود أستقالته، نتيجة الضغط عليه من قبل المتظاهرين والمرجعية، إلاّ إنه مجلس القضاء الذي يرأسه المحمود، رفض إستقالته وأعادوه بتصويت نسبته100%، بالضبط نفس أستفتاء المقبور صدام، الذي وصفه المحمود بالبيعة الأبدية!

تبين أن أستقالة مدحت المحود، ما هي إلاّ بالونة أطلقها في الفضاء العراقي، رئيس السلطة القضائية، لتخفيف الضغط عليه، وتجنيب نفسه الملامة، من حيث إن القضاة الذين عينهم وأختارهم، هم فاسدين مثله وأشترى ضمائرهم، وبالتالي هم موالون له حتى النخاع.

هذا الأمر نكتشف نواياه السيئة، عندما أجتثت هيئة المساءلة والعدالة المحمود لكونه بعثيا، لكن محكمة التمييز نقضت الحكم الصادر بحقه، بعد إن دافعت عنه دولة القانون دفاعا مستميتاً، وبالأخص السيدة حنان الفتلاوي وعلي الشلاه، وكأنهما حنوا لماضيهما مع المحمود!

يثبت لنا أن أستقالة المحمود كذبة وبالونة في الهواء، عندما ألقى كلمة في حفل لخريجي جدد في المعهد القضائي، حينها قال: إن المحكمة الأتحادية شرعت قانون يتيح لرئيس السلطة القضائية وأعضائها، أن يستمروا 12 عاما، ( للعلم فقط) إن القضاء الذي تكون مهمته معاقبة الذين يخالفون القوانين، هو أول من يخالف، حيث أن المحمود تجاوز السن القانوني المسموح به وهو67 عام، وبلغ أكثر من 70 عاما !

الغريب من المحمود في كلمته أثناء الحفل، ذكر أمراً يضحك الثكلى، يقول: لم يسجل القضاء العراقي منذ عام 2004 أي خرق، كيف ذلك يا سيدي المحمود، وانت من شاركت بريمر في تشريع قانون الحصانة للجيش الأمريكي؟! وبذلك أجزت قتل العراقيين ولم تحاسب على الجرم! ومَن أبعد الشيخ صباح الساعدي عن الأنتخابات، وسمح لمشعان الجبوري بالمشاركة، رغم أن هذا الأخير قد فتح قناة فضائية، يحرض فيها على الارهاب وقتل العراقيين، وكان يترحم على صدام علناً في فضائية الجزيرة؟!

إن مثل مدحت المحمود في مدح نفسه، خلال هذا الحفل، كمثل القاضي الذي ولاه يحيى بن أكثم.

يحكى: أن يحيى بن أكثم، ولى قاضياً على أهل جبلة، فبلغه أن الرشيد أنحدر الى البصرة، فقال لأهل جبلة، إذا أجتاز الرشيد فأذكروني عنده بخير، فوعدوه بذلك، فلما جاء الرشيد تقاعدوا عنه، فسرح القاضي لحيته وكبّر عمّته، وخرج فرأى الرشيد في الحراقة، ومعه أبو يوسف القاضي، فقال:
يا أمير المؤمنين نعم القاضي قاضي جبلة، عدل فينا وفعل كذا وكذا، وجعل يثني على نفسه، فلما رآه أبو يوسف عرفه فضحك، فقال له الرشيد: ممّ تضحك.
فقال: يا أمير المؤمنين المثني على القاضي هو القاضي، فضحك الرشيد حتى فحص برجله الأرض، ثم أمر بعزله فعزل.