الإجراءات الإدارية لمواجهة الفساد

 

 

   يعد الإصلاح الإداري عنصراً مهما في النظام العام للمؤسسات الحكومية  في غالبية الدول النامية منها (العراق ) ،اذ ينبغي على قادة تلك المؤسسات تفهم أبعاده لكونه الوسط الذي تعيش فيه مؤسساتهم ،وهو  يؤثر في نوع السلوك الذي تتفاعل به المؤسسة العامة  مع غيرها من المؤسسات او مع عوامل وظروف المجتمع المتنوعة .

  ويعتبرالإصلاح من المواضيع المهمة التي يجب تناولها في وقتنا الحاضر في ظل تعاظم  حالة الفساد في غالبية المؤسسات الحكومية العامة في العراق ، اذ أصبح من الضروري السعي نحو إيجاد حلول مناسبة وسريعة وبمشاركة كل فئات المجتمع للحد من انتشار هذه الحالة ، للفساد أوجه متعددة منها ما يسمى بالأنحراف الذي يعرف بانه الأبتعاد عن المسار المحدد وانتهاك لقواعد ومعايير المجتمع ومنه الفساد الاداري والاقتصادي والاجتماعي سواء على مستوى الجماعة او الفرد وهذه ناتجة عن غياب معايير السلوك التنظيمية والقانونية في تلك المؤسسات .لذا اصبح لزاماً على الباحثين والمسؤولين أيلاء اهتمام كبير بشان الكشف عن الممارسات والانتهاكات السلوكية والاخلاقية للعاملين في تلك المؤسسات في محاولة الحد من

زحف الفساد المروع في اغلب الوحدات الإدارية لمؤسسات القطاع الخدمي التي يفترض أن يكون هدفها الأساس تلبية المتطلبات والاحتياجات الأساسية لأفراد المجتمع   . ان عدم التوازن والتوافق في بعض أجهزة الدولة مثلا او في مؤسساتها الخدمية ، متمثلاً بوجود التفاوت في

دخول الموظفين وضعف غالبية القيادات الإدارية  وعدم نزاهتها وسوء اختيار العاملين واختيار

السلطات والمسؤوليات وتوزيعها بشكل عشوائي وعدم وضوح التعليمات وسوء تقويم أداء الإفراد والمنظمات اذ يكون التقويم على أساس الواسطة والعلاقات الخاصة للمقربين بالإضافة إلى انهيار النظم القيمية للأفراد واستبدالها بأطر منحرفة وهشة  كما أصبح التظاهر بالالتزام بالمعتقد والأخلاق سمة من سمات غالبية قيادات مؤسسات  المجتمع العراقي الحالي .هذه كلها شكلت مبررات لأعتبار الفساد شيء عادي لايستنكره الموظفين والعاملين في تلك المؤسسات .

كما ان ضعف الرقابة والتدقيق الداخلي سواء كان على صعيد المؤسسات الخدمية الصغرى او على صعيد الدوائر الحكومية حيث ان المخالفين والذين يغشون منتشرون بدون أي رقابة او محاسبة لذا أصبح من الصعب السيطرة على الفساد وأصبح ينتشر ويبدأ من أعلى قمة الهرم حتى يصل إلى أدنى المستويات الوظيفية في المجتمع متمثلة بعامة الناس من بائع النفط او الغاز او عامل النظافة ,كما ان ضعف المستوى الثقافي للبعض شكل عقبة كبيرة في طبيعة فهم مساوئ الفساد وأثاره إضافة الى ضعف الجانب الاعلامي الجاد المسنود بمبدأ الثواب والعقاب فالظاهر فقط ذكر لافتات توضح عبارات معينة ووضعها في الشارع او توزيعها على الدوائر والبيوت والمحلات .

واهم من هذا هو تذبذب او عدم الاستقرار السياسي والأمني قد اثر سلباً على إيجاد السبل او

الحلول المناسبة للفساد الاداري ، ويمكن القول أن الفساد الحاصل في المؤسسات العامة في العراق يرتـــبط بأربعة عوامل :

  1. 1. آلية السلطة السياسية والإدارية وكيفية الوصول اليها والخروج منها
  2. 2. مدى الحماية التي يتمتع بها المواطن تجاه السلطة السياسية والإدارة العامة في

اطار دولة الحرية والديمــقراطية.

  1. 3. منظومة القيم في المجتمع الناتجة عن التراكمات التأريخية والثقافية التي مر بها البلد خلال العقود الثلاث الأخيرة .
  2. 4. مشاكل الإدارة ذاتها وما ينتج عنها من تلكؤ او ضعف نتيجة عدم تمتع شاغليها بالمقدرات الإدارية اللازمة لتسيير عمل تلك المؤسسات .

    أن  معالجة الفساد الإداري تتطلب معرفة الوظائف الاجتماعية والإدارية والسياسية التي يتطلب القيام بها .لأن المعالجات غير فاعلة اذا اقتصرت على البنى الفوقية دون توفير بدائل شرعية لبعض وظائف الفساد . وان معيار الإصلاح الإداري ليس بضخامة الأبنية الإدارية ولاتوفير مؤسسات متعددة ولا الدو رات التدريبية للموظفين  معيار الإصلاح هو تحسين العلاقة بين الإدارة والمواطن فمن خلال هذا الإصلاح .يصبح المواطن هو المدخل الى الإصلاح الإداري و نقطة الانطلاق ونقطة الوصول .

اذن البدء في مكافحة الفساد بأشكاله اليومية  يقضي غالبا العدول عن المشاريع الكبرى التي هي هروب من أمور جوهرية ممكنة سعيا وراء إصلاح شامل بعيد المنال .بل يتولى جزء كبير منها الجمعيات الطوعية في المجتمع لخلق قوى ضاغطة في هذا المجال .لان اكثر إدارات المؤسسات الخدمية في بنيتها الحالية والمتراكمة عاجزة وحدها عن تنفيذ هذه السياسة دون ضغط من القوة الاجتماعية.