المناطقية والوحدة الوطنية

 

الثوابت بديهيات ، لا تحتاج الى إثبات ، لأنها  قائمة بذاتها ، وتعبر عن نفسها ، وتجد أثرها الايجابي الملموس في  سلوك الفرد والجماعة ، وفي تصرفاتهم وعاداتهم وتقاليدهم ..

 ومن هذه الثوابت الولاء للوطن ، وهو ( قيمة ثابتة ، لا تتغير ، ولا تتجزأ ) ، وهو الاساس في (الوطنية والمواطنة ) ، لما له من دور كبير في الارتقاء بالأداء  الفردي والجماعي ، ، وغرس روح  الوفاء والانتماء والمسؤولية التي تتجسد في العمل على تقدم الوطن ونهوضه وحمايته من كل المخاطر والتحديات ، وفي التمسك بكل ما يرمز اليه ، من معان عالية ، وخصوصية حضارية وثقافية وروحية ، وقيم خاصة .

والاعتزاز ( بالمنطقة ) ، وسعي من يقيم على أرضها الى تطويرها ، وإشباع حاجات أبنائها المشروعة شيء طبيعي  ومطلوب ، ويعبر عن عمق الانتماء لها ، على أن يكون ضمن قيم الولاء الاكبرللوطن ، ولا يتعارض معها ،  أو يتقدم عليها ..

والعراقيون لم  ولن يعرفوا التعصب لغير العراق ، وهو شيء جيد ، لأنه  يعبر عن قوة الارتباط ( الوجداني والعقلي ) والمكاني بالوطن ، وليس القانوني من خلال الوثائق الرسمية فقط  ، ويترجم بالفعل والانتماء الى ما يمثله من رمزية مادية واعتبارية ، وضرورة حياتية ، وعدم التعامل مع  أي ظاهرة غريبة على تلك الثوابت والقيم الوطنية ..

 صحيح أن العراقيين من أديان وطوائف وقوميات شتى ، وقبائل وعشائر عديدة ، ومناطق كثيرة ، لكنهم  جميعا يستظلون بخيمة واحدة جميلة ، وارفة الظلال ، تسع الجميع بكل خصوصياتهم الفرعية داخلها ، إسمها العراق ، وهي كالحديقة الغناء ، تعطيها الألوان الكثيرة نضارة وجمالا  وتميزا ،  بخلاف عندما تكون من لون واحد  ..

والطائفية لم يعرفها العراقيون  ، ولن يتعاملوا بها ، ، وهي حالة طارئة ولا محال زائلة ، بزوال أسبابها ، وإن حاولت السياسة استغلالها لاغراض خاصة بها ، ولكنها فشلت في إلباسها ثوب الدين تارة ، والقومية تارة إخرى ، أو أي تسمية أخرى  تزينها ، أوتخفي حقيقتها ..

والمناطقية كالطائفية ، لن يفلح من يسعى اليها في مسعاه ، لأنها بغيضة ، وستؤدي الى نتائج تلحق ضررا بوحدة الوطن ، عندما يتعصب الانسان لها على حساب الخيمة الأكبر، أو ينظر الى ( المنطقة ) وخيراتها ، وما تجود به أرضها  ، وما يبدعه أنسانها على أنها (حكر لأهلها)   فقط ، وكل من  يريد أن يعمل  فيها ، أو يسكنها من غير أهلها ، تتعامل معه وكأنه ( غريب ) أو ( نازح ) ، وليس جزءا من وطن يمتد في حضارته لألاف السنين ، ويتمتع بحق الاقامة والعمل والانتقال على كل جغرافية الوطن المعروفة بدون قيد أو شرط ..

وهذه المفاهيم  الخاطئة تؤثر على المواطنة وتفقدها معناها ..

 وتلحق ( المناطقية ) الضرر الكبير بالوطن وتهدم كيانه ، وتتلاشى قوته ، وتصغر قيمته ، وتجعله ضعيفا أمام أي قوة تناله ، ويكون ضررها في هذه الحالة لا يقل عن ضرر الطائفية ، وستخلق إنقسامات ومشاكل وأنانيات وضغائن بين ابناء الوطن الواحد ، وبالتالي تمزق وحدة الوطن ، وهي سر قوته ..

والعراق هبة العراقيين ، وهو حاصل جمعهم ، وليس القسمة عليهم  ..

                    0000000000000000000

                                       الشكر واجب

أشكر بجزيل الود وخالص العرفان بجميل من حضر مجلس الفاتحة على روح أخي ( علي سعدون المياحي ) في مدينة الحلة ( الفيحاء) من محافظة بابل ، وبغداد والمحافظات الاخرى ، ومن شارك في التشييع ، أو شرفني بزيارتي في البيت ، أو بأي وسيلة ، بالاتصال ، أوالتواصل ، أوالرسائل أو الدعاء  له  ، وهو في مكانه …

فجزاهم الله خير الجزاء … وإنا لله وإنا اليه راجعون …