لاتزال الاوضاع في العراق تلفها حالة من الضباب و الغموض ولاتزال التقارير الواردة من العراق لاتبعث على الراحة و الاطمئنان خصوصا من حيث تزايد المساعي المبذولة من أکثر من جهة و طرف من أجل الالتفاف على التظاهرات و إفراغها من محتواها الحقيقي وجعلها تسير بإتجاه مغاير للذي تقصدها، وقطعا فإن العقل المدبر الذي يقف خلف هذه المحاولات المشبوهة، هو عقل إيراني و يعمل وفق توجيهات دقيقة ترسل إليه من طهران. الحقيقة التي يجب أن لاتغيب على العراقيين، هي إن لطهران أکثر من تجربة خاصة في قمع الانتفاضات و التظاهرات النوعية و إفراغها من مضامينها الحقيقية کما جرى في عام 2009 عشية إنتفاضة الشعب الايراني و مع الشعب السوري عام 2011، عشية إنتفاضته الواسعة ضد حکم بشار الاسد، وقد کان واضحا مدى الموفقية التي حققتها طهران بهذا السياق في کلتي الحالتين، وهو مايدفع للإقتناع بإنها تعيد نفس التجربة ولکن بطريقة جديدة لإنها من المستحيل أن تتخلى عن نفوذها في العراق بهذه السهولة. سير الامور و حالات التضارب و التناقض الحاصلة على أکثر من صعيد و إزدياد المساعي الايرانية الحميمة من أجل تهيأة أفضل الاجواء و السبل لتمرير مخططها ضد هذه التظاهرات و وضع حل معد لها سلفا، وان الذي يبعث أکثر على القلق و التوجس هو إن الاصلاحات التي يقودها حيدر العبادي لم تقد"ولن تقود" الى نتيجة طالما تصرفت بمنأى عن التدخلات و النفوذ الايراني في العراق لإنه و بمنتهى الصراحة مربط الفرس و أساس و أم المشاکل و الازمات في العراق. الاحداث و التطورات و المستجدات المتعلقة بسير الامور الخاصة بالتظاهرات و تعاطي العبادي معها، هناك أکثر من يد تسعى لجعلها تحت خيمة طهران وهو مايعني إن معالجة المشاکل و إيجاد الحلول سوف تکون بطريقة الهروب للأمام من أجل التغطية على أساس و جوهر المشاکل و الازمات و الذي يتعلق جملة و تفصيلا بالتدخل و النفوذ الايراني في العراق، وإنه ومن دون السعي لحل و معالجة المشاکل و الازمات بعيدا عن النفوذ الايراني و تحت خيمة عراقية، فإن کل المحاولات و الجهود المبذولة ستکون عبثا لاطائل من ورائه أبدا.
|