141 "دماء لن تجف"
موسوعة شهداء العراق
الحلقة الواحدة الأربعون بعد المائة
الشهيدة إكرام المندائية
 
{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة "دماء لن تجف" في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
 
 
لاذت الشهيدة اكرام عواد سعدون المندائية، بالنجم القطبي؛ حمى واقيا لها، من بطش الطاغية المقبور صدام حسين؛ بإعتباره محراب الديانة الصابئية، بهديه يقتبلون الجهة التي يؤدون صلاتهم صوبها، ناشدين وجه الله بأبهى الأداءات.
متطامنة مع الاعتقال والشهادة، بحسب "الكنزاربا" الكتاب المقدس للطائفة: "إذهبي أيتها النفس الى البلد الذي منه أخذوك" عائدة الى رحاب جنة الرب.
إكرام واحدة من مئات الشهداء، الذين قدمهم الحزب الشيوعي العراقي، بهدف الوصول الى مرامٍ سامية، وفق ديالكتيكه المادي، الذي وجد في العراق أرضا خصبة لنمائه.
ولدت الشهيدة سعدون، في الناصرية يوم 1 تموز 1954.. وتخرجت في إعدادية الوثبة بالثورة – الصدر حاليا، بغداد 1971، وقبلت في كلية العلوم فرع الفيزياء وتخرجت فيها عام 1976 .. تم قبولها للعمل في مطار بغداد الدولي في الارصاد الجوي، ثم نقلت الى الديوانية على الخط الاستراتيجي للعمل مع الخبراء السوفيت الذين ادخلوها في دورة هندسية في هذا المجال واستمرت بالعمل هناك لغاية العام 1979، إذ انتقلت الى بغداد لتعمل في مصفى الدورة كمتخصصة هندسية في مجال النفط ولحين إلقاء القبض عليها.
نالت عضوية الحزب من دون المرور بصداقته؛ لإستحصالها تزكيات، حثت عليها صفاتها المميزة، وفي يوم الخميس 14 آب 1980 قبضت مفارز الأمن البعثية، عليها، غائرة في بحر الظلمات.. إذ لم يعطَ عنها جواب ولم يسمح لأحد بالسؤال عنها.. إنقطعت أخبارها.
 
بلشفية مؤمنة
ستة وعشرين عاما.. هي عمرها كله، من المهد الى غيابات صدام حسين، إستنفدتها في التطلع الى العلم طالبة متفوقة ومهندسة مواظبة، وبلشفية مؤمنة.
غُيّبت سجون النظام الفاشي، عقليات علمية ودينية ووطنية وثقافية، البلد أحوج ما يكون إليهم، في كل آن.. وفي عام 1986 ابلغ رجال الأمن ذويها بإعدامها، ومنعوهم من إقامة مراسيم العزاء.
 
متطوعو خباثة
بنت بكر طاهرة الذيل.. ذات عقل موزون وذكاء ألمعي حاد، وجمال رباني بريء، خسرتها العائلة؛ فعانت فقدها بنفس قوة المعاناة، إزاء مضايقات أجهزة السلطة الفاشية الصدامية.. الأمن والحزب وأناس متطوعون يؤتون الخباثة لوجه الشيطان يريدون رضا الظالم، ينكلون بعائتها متخذين من تباين المعتقد ماشة النار الأولى التي يؤلبون بها جمر الفتنة، التي يستجيب لها المجتمع ممتثلا لدهائهم بغباء!
لوحقت العائلة، حيثما غيرت مسكنها، الى ان هاجرت تغادر العراق الى السويد، بترتيب سري من أحد أبنائهم.
وصفها شقيقها بالشابة الرائعة.. شفافة متزنة طيبة.. فرط هدوء وخلق رفيع، حفها باحترام الجميع؛ لبساطة تبادل خلالها مشاعر الناس من مسافة مدروسة بقياس فريد.. قليلة الكلام .. ذات علاقات واسعة .. حريصة جداً على كل شيء، إستحقت التبجيل قدسية، بإعتبارها قربانا مندائيا في محراب العراق.