في الثامن من ذي الحجة انطلق الركب الحسيني من مكة لغرض طلب الاصلاح في امة جده ، وفي نفس اليوم استشهاد مسلم بن عقيل عليه السلام ، نهضة الحسين فتحت افاقا واسعة للدراسة كل حسب اختصاصه ، فالجوانب متعددة في هذه النهضة منها فقهية واخلاقية وسياسية وعسكرية وفلسفية وغيرها من العلوم. لنقف عند الفلسفية فالبعض بل الاغلب من الفلاسفة او ممن تحدث بلغة الفلسفة شعّب حركة الحسين عليه السلام وادخلها في مفاهيم معقدة نتج عنها اسئلة لا طائل من ورائها ، ويبقى السؤال الذي اثار الجدل هو هل الحسين يعلم بمقتله ؟ ومن هذا السؤال بدات الاجوبة والاستنتاجات لدى الموالف والمخالف ، وزبدة الحديث ان النواصب يقولون اذا كان الحسين يعلم بمقتله فهذا يعني انه رمى نفسه في التهلكة ، غايتهم من هذا الاستدلال ان الحسين لا يعلم والا فهو هلك نفسه. ونحن نقول لهم هل هو يعلم ام لا يعلم ؟ فان كان حسب رايكم لا يعلم فان الذي حدث هو طبق الاصل لما ذكره الحسين عليه السلام قبل بلوغه كربلاء واكد بانه سيستشهد في هذه المعركة حسب ما قال له جده رسول الله (ص) ، وطالما ان الحسين عليه السلام صدق فيما قال ، اذن المترتب عليه من ادانات للاعداء وبشارات للموالين يكون محل يقين. واما انه يرمي نفسه في التهلكة فالتاريخ يحدثنا عن الكثيرين ممن عرضوا انفسهم للمخاطر من اجل العقيدة والا فان المعارك التي خاضها رسول الله (ص) وكان اقل عدة وعددا من العدو يكون الرسول قد القى بنفسه في التهلكة، الا تعتبرون الارهابيين الانتحاريين شهداء وسيدخلون في الجنة وهم على يقين من هلاكهم، لم لا تقولوا لهم لا ترموا انفسكم في التهلكة ؟ واما من الناحية الفلسفية حول حركة الحسين عليه السلام ومهما تكن سواء كانت بالجنبة الايجابية او السلبية فانها لا تغني ولا تسمن فالحركة واضحة جدا وقد يكون هنالك التباسات لدى البعض ممن يجهل ماهية المعصوم عليه السلام في اتخاذ قراره . فالحسين عليه السلام الذي استلم الاف الرسائل والبيعة المطلقة ممن طلبوه يتراجع عن المضي قدما للنهوض بالامة ؟ واما الروايات التي تتحدث عن علم الحسين عليه السلام بمقتله فانها ان قبل عنها غير صحيحة فالذي حدث هو مصداق لهذه الروايات ، وان قيل عنها صحيحة فاي روح عظيمة يحمل الحسين عليه السلام وهو يعلم ما سيجري عليه ولكنه من اجل رسالة جده استرخص دمه ودم عياله وصحبه. ولو قراوا التاريخ جيدا فان للحسين عليه السلام عدة حوارات مع الاعداء اولها مع الحر قبل التحاقه بركب الحسين عليه السلام عندما طلب منهم ان ينسحب اذا اقر اصحاب الرسائل بانهم تراجعوا عن بيعتهم ، ولكنهم نكروا ذلك ، وفي ليلة العاشر عرض الحسين عليه السلام نفس الامر على ابن سعدعندما قال له مالذي جاء بك ؟ فاجابه الحسين عليه السلام رسائل القوم ، فان كرهتموني فدعوني انسحب ، ولكنهم رفضوا ذلك ، فهل هذا يعني انه رمى نفسه في التهلكة ؟ والامر الاخر ان الذي قتل الحسين عليه السلام أي الذي قام بالتهلكة هل كان على حق ام باطل ؟ نهضة الحسين عليه السلام منذ ان بدات انطلاقتها في الثامن من ذي الحجة وهي تعري الوجوه الكالحة الى يومنا هذا وحتى يوم الظهور ، وفي نفس الوقت هي من تستنهض العقول العقائدية والهمم الشجاعة من اجل نصرة الاسلام .
|