الإرهاب الجديد

 

 

تعددت صور وأشكال الإرهاب القاتل و المُميت في العراق بعد التغيير الديمقراطي ! الذي اتت بها الولايات المتحدة الأمريكية و حليفتها العظمى بريطانيا في العام 2003م . ليولد مع ذلك التغيير نوعين رئيسيين من الارهاب تفرعت منهما الانواع و الصور الاخرى :

 

اولاً : الارهاب الطائفي و المذهبي . الذي صُنع نتيجة صراعات سياسية حزبية تنفذُ أجندات خارجية و اقليمية لا دخل للشعب بها من قريب او بعيد ابدا حصد هذا الارهاب ارواح مئات الاف من الابرياء و العزل خلال الاثـــني عشر سنة الماضية من عمر التغيير ولا زال مستمرا اليوم.

 

ثانياً : إرهاب الفساد المالي و الإداري الذي أُنتج بشرعية المحاصصة الحزبية و الطائفية ليفتك و يستشري بوزارات ومؤسسات الدولة وينخرها و يدبَّ فيها جاعلا منها بيئة ملائمة للازمات المستمرة والمتلاحقة و السرقات و الصفقات غير الشرعية الكبرى حتى فقدت الدولة هيبتها و قدرتها على مواجهة النوع الاول من الارهاب (الطائفي والمذهبي) .

 

وَلدَ بدورهِ هذا الارهاب الانواع الاخرى التي شهدتها جميع وزارت الدولة متحولة به الى مؤسسات حزبية ثم الى عشائرية و مناطقية .

 

ونتيجة اتساع وتمدد الارهابيين اعلاه دون القضاء عليهما تراجعت منظومة البلد في شتى جوانب الحياة . ليجد الارهاب الجديد (الكوليرا) البيئة المناسبة والظروف الحسنة للخروج و الظهور بعد ثلاثة عقود من اختفائه وابادته حينما شهدت البلاد منتصف الثمانينات من القرن المنصرم اصاباتٍ به تُقدر بالعشرات في بعض المدن والقرى النائية سيطرت عليها وزارة الصحة آنذاك بالتعاون مع الوزارات والدوائر التربوية والتوعوية والثقافية وقضي عليه في غضون اسابيع معدودة ولم يشهد العراق بعد ذلك الظهور أي اصابات بـ(الكوليرا) حتى في فترة الحصار الامريكي وما رافقهُ من نقصٍ في الغذاء والدواء .

 

واليوم  في العام 2015م يسجل العراق اصاباتٍ تُقدر بـ 830 حالة حتى الأن مكتشفة ومشخصة مختبرياً بإصابتها بفايروس (الكوليرا) توزعت هذه الحالات (الاصابات) بين العاصمة بغداد و المحافظات الوسطى والجنوبية .

 

وتعود اسباب الاصابة بهذا الفايروس القاتل الى :

 

1- انعدام المياه الصالحة للشرب حيث لا تزال العديد من المناطق في العراق تعيش على مياه المبازل والجداول والشطوط الراكدة بسبب عدم وصول المياه الصالحة للشرب الى تلك المناطق .

 

2- التلوث غير المسيطر عليه في الهواء والتربة والماء .

 

3- قلة الرقابة الصحية و التوعوية والبرامج العلمية التثقيفية من قبل الوزارات والمؤسسات المعنية .

 

4-قلة النظافة من قبل الاشخاص ويعود سببها للنقطة (3) في اعلاه ..

 

5- عدم وجود خطط انية (قصيرة المدى) ومستقبلية (بعيدة المدى) في ستراتيجية الدولة .

 

6- رداءة وتدهور البنى التحتية لشبكات ومجاري الصرف الصحي ما تسبب بفيضان مياهها الاسنة في الاحياء و المناطق على شكل بركٍ دائمة .

 

وهنا لا بُد ان نتساءل ونقول : في هذا العهد الديمقراطي الجديد كم هي عدد السنين التي عدنا فيها الى الوراء . اذا كانت دولٌ فقيرة ونامية قد اجتازت مرحلة الاصابة بالكوليرا منذ عقود ولم تسجل حالات به ؟ .. في حين يشهد العراق في العام 2015م اكتشاف 830 اصابة بفايروس الكوليرا قابلة للزيادة تحت وطأة الفوضى الديمقراطية التي تشهدها البلاد .