الشفاف سرق اللحاف

 

بعد الدعوة التي اطلقت عن حركة اصلاحات في مفاصل الدولة التي طالب بها المتظاهرون في بغداد والمحافظات والمستمرة منذ عشر جمع وما نتج عنها صدور عدد من القرارات بالغاء مناصب حكومية واقالة مسؤولين ودمج وزارات وتغيير محافظين ومدراء عامين ما يعني ان المشمولين عليهم مؤشرات تقصير في اداء عملهم بالشكل الصحيح او فساد اداري او مالي او اي عقوبة  من شانها استبدال المسؤول باخر اكثر كفاءة وان من شمله التغيير لابد ووفق القوانين الادارية ولانه كان مقصرا في واجبه ومنصبه ان يحال الى الجهات القضائية للمساءلة والمحاسبة وفق مبدا الثواب والعقاب خاصة وإن آثار الفساد المدمرة والنتائج السلبية لتفشي هذه الظاهرة المقيتة تطال كل مقومات الحياة لعموم أبناء الشعب فتهدر الأموال والثروات والوقت والطاقات وتعرقل أداء المسؤوليات وإنجاز الوظائف والخدمات  وبالتالي تشكل منظومة تخريب وإفساد تسبب مزيداً من التأخير في عملية البناء والتقدم ليس على المستوى الاقتصادي والمالي فقط  بل في الحقل السياسي والاجتماعي والثقافي ناهيك عن مؤسسات ودوائر الخدمات العامة ذات العلاقة المباشرة واليومية مع حياة المواطنين  ولكن اللافت ان بعض المسؤولين وخاصة عدد من المحافظات والمديريات العامة يتسلم البديل المنصب من المقال دون حتى اشارة الى ان السابق كان مقصرا اصلا بل منهم يقف امام الفضائيات ويصرح انه (تم عملية الاستلام والتسليم باسلوب شفاف وحضاري) مع ان السابق ربما سرق حتى (اللحاف )!!

 

ولو لم يكن مقصرا لماذا اقيل اصلا وكأنه لم يسهل عقدا أو إجراء طرح لمناقصة عامة اواستغلال الوظيفة العامة من دون اللجوء إلى الرشوة وذلك بتعيين الأقارب ضمن منطق المحسوبية والمنسوبية  أو سرقة أموال الدولة مباشرةً وغيرها والمعروف ان الفساد الاداري والمالي آفة مجتمعية فتاكة وهي قديمة ومخضرمة وجدت في كل العصور وفي كل المجتمعات وان ظهورها واستمرارها مرتبط برغبة الإنسان في الحصول على مكاسب مادية أو معنوية بطرق غير مشروعة وتكون واضحة بصورة كبيرة في مجتمعات العالم الثالث وخاصة في مؤسساتها الحكومية حيث انه سبب مشكلاتها الاقتصادية وتخلفها عن مسيرة التقدم وتقف عقبة في سبيل التطورالسليم والصحيح لتلك المجتمعات وان تفشيها في مفاصل اي دولة تعد من اشد العقبات خطورة في وجه الانتعاش الاقتصادي حيث انه يظهر في  استغلال السلطة لأغراض خاصة سواء في تجارة الوظيفة او الابتزاز او المحاباة او اهدار المال العام او التلاعب فيه سواء اكان ذلك مباشراً أم غير مباشر.

 

لذا ان عدم محاسبة المفسد خاصة وبعد ان يثبت تقصيره ما يعني استشراء الفساد وترسيخه لانه  يعمل على حماية نفسه  وذلك بإبقاء كل الهياكل التي أنتجته على حالها  فلا تغيير في القوانين ولا تعديل في اللوائح ولا تطوير في السياسات.

 

لذلك نجد أن بعض الذين شملتهم الاقالة والابعاد او الاحالة على التقاعد  غير مبالين اصلا وذلك ضماناً لاستمرار المناخ الذي يحقق لهم المزيد من استغلال النفوذ وهي ما يجري الان على الارض مع مـــــرور كذا اسبوع على اطلاق الاصلاحات الحكومية ومصادقة مجـــلس النواب عليه لم يعلن قضائيا ان هناك اجراء ضد من وجهت لهم تهـــــم الفساد او حتــــى استدعائه امام جهات قضائية للتحقيق في صحــــة التهم من عدمه واستبيان عما منسوب اليه مع ان المتظاهرين بحت اصواتهم كل جمعة ومنهم من تعرض للخطف او الاعتقال او حتى الطعن من جهات مجهولة دون نتيجة وهم مستمرون في مطالبهم المشروعة والدستورية والسلمية وانهم منتظرون الى ان  يأتي الفرج ؟