أبناء بريطانية العظمى في العراق

ابتليت الجزائر بعد تحريرها من الاحتلال الفرنسي بالعملاء ، الذين أطلق عليهم الشعب الجزائري ( أبناء فرنسا ) بكسر الفاء في اللهجة الجزائرية .
وإبتلي العراق بأبناء بريطانية العظمى ، وهم أحفاد أولئك الخونة الذين تخادموا مع المحتل البريطاني مطلع القرن الماضي .
الفرق بين عملاء الاحتلال الفرنسي وعملاء الانكليز ( بريطانية وأمريكا ) كبير جدا ، الانكليز يقدمون قطاع الطرق وحثالات الارض ، والفرنسيون يقدمون ( العميل الوطني ) .
رئيس دولة أفريقية هرب من شعبه الذي يجبره على الاستمرار في حكم البلاد ، ولجأ الى فرنسا هاربا من شعبه ، لان الشعب يحبه لوطنيته ، وخدمته لوطنه .
وفي العراق شعب خارج من أقصاه الى أقصاه شاتما لابناء بريطانية الذين تحولوا الى أبناء لامريكا ، وليس فقط الشعب شاتما ، بل اسيادهم الامريكان شتموهم ، ووصفهم بريمر بأقسى الكلمات .
يحاول ابناء بريطانية في العراق ، أن يصنعوا لهم تأريخا ( مشرفا ) للتغطية على خياناتهم ودناءاتهم ، ولتسويق أنفسهم على أنهم قادة شرفاء .
زوروا الكتب ، وكتبوا المقالات ، وقدموا البرامج التلفزيونية لتلميع صورهم ، ولرسم صورة في أذهان البسطاء ( لمقاومتهم للمحتل ) وأنهم هم أخرجوه بالمقاومة ( السلمية ) .
كلما يسأل الشعب العراقي عن هدر المال العام ، وعن أين ذهبت ثروات العراق منذ 2003 حتى اللحظة ، يكون الجواب بعيدا عن السؤال ، يتحدثون عن الطهارة والنجاسة ، والبتولية والعفة ، وعن الماضي ، وعن تسويق الطائفية .
لاجواب عن إختفاء المليارات التي دخلت العراق في عهدهم ، وهم الذين يعلنون يوميا عن إختفاءها .
لاجواب عند أحزاب المحاصصة الطائفية عن ( إعادة إعمار العراق وفصل السلطات الثلاثة والقضاء العادل المستقل ) .
لايوجد في العراق جواز سفر تحترمه الدول ، ويساق العراقيون في المطار مع البضائع ، مهانين لا توجد دولة ولاحكومة تدافع عنهم ، والدينار العراقي لاقيمة له ، الا لمسح الاحذية ، حتى وصل الحال أن يمزق العراقي جواز سفره ويدوسه بحذاءه ، لانه وجد جملة ( تم إنجاز هذا الجواز المبارك ببركة وزير الخارجة د : قمقم ) .
لازراعة ولاصناعة ولاقيم ولا أخلاق ، وصار العراق خارج المنظومة الدولية ، وخارج سياق الحياة ، لاكهرباء ولا إنترنيت ، فقط الذي يقدم هو : الحكم العشائري والرزوخزني الذي لم يجد له مكانا الا في العراق ، حاله حال داعش .
الذي قدموه في العراق طبقتين ( الاغنياء والفقراء ) والطبقة الوسطى إنتهت ، وفي كل لحظة يتوسل العراقي بمن يخرجه هربا من العراق ، وهو محاط بملايين الشعارات الدينية : عنعن وعنعن ، ورحم الله من أحيا أمرنا ، وعظموا شعائر الله ، وحول تلك اللافتات رائحة الموت والسواد ، ومن ينتقد يقتل .
العراق اليوم تحت المظلة الامريكية ، دولة أغنياء يريدون تركيع الناس ، وسجنهم في سجن كبير إسمه العراق .
محميات على شكل دويلات ، تحيط بها ألاف الرجال من المرتزقة ، التي تحمي أبناء بريطانية من العملاء والخونة ، وربما لايترقون الى مرتبة عملاء .
ولو توقف الامر على وجود ( ديكتاتوريات ) لحمدنا الله ، لكنه مشروع إبادة جماعية ، توقع بعض العراقيين أن أحزاب المحاصصة ستشبع يوما ، وتأتي بالامن للولاية التي يحكمونها ، لكنهم إستمروا في مشروع الابادة ، ولم يتركوا مادة قاتلة ، إلا وأدخلوها العراق ، وأخرها العصير المسموم الذي يسبب أمراض السرطان والعجز الكلوي .
عندما حاول الفرنسيون الكنديون في مونتريال أن يستقلوا عن بريطانية ، ظهرت الامراض والاوبئة الفتاكة ، فإتجهت اصابع الاتهام مباشرة الى بريطانية .
وقعت أحزاب الاسلام السياسي الشيعي ، إتفاقية مع الغرب وخصوصا أمريكا على أن تدفن أمريكا نفاياتها النووية في صحراء العراق ، ونحن على خط الحسين و( هيهات منا الذلة ) ، وهذه هي الفرصة التي حذرنا بول بريمر أن لايفوتها الشيعة ، ويفلت منهم حكم العراق ، مثلما ضاعت الفرصة عام 1920 .
رقص البسطاء في تلك الليلة ، التي إجتمع فيها ابناء بريطانية في لندن ، بقيادة زلماي خليل آل زاده ، وظنوا أنه عصر جديد ، وفجروشمس تخرج بعد صدام حسين ، وكانت مقولتي ( القادم أسوأ ) وعللت ذلك ، بعلمي بتأريخ الاحتلالات الامريكية ، وتأريخ ( المعارضة ) القذر ، الذين كانوا واقفين في الطابور أمام الخارجية البريطانية للاستجداء ، وأمام سفارات الدول ، وهذا ليس كلامي بل تصريحات لاكثر من سياسي غربي ، ومنهم الجنرال ( أنتوني زيني ) الموفد الامريكي لعملية السلام بين اسرائيل والقيادة الفلسطينية ، حيث قال عام 1997 : لاتوجد معارضة عراقية ، هؤلاء مجاميع من المرتزقة .
وبعد أن فات الاوان ، وصفهم سيدهم بول بريمر : لم نجد فيهم شريفا وطنيا يستحق ان يحكم العراق ، وأتينا بهم من الطرقات ... يعني أولاد شوارع ، وتربوا في حاضنة وسخة .
وصفهم العراقيون بأوصاف تليق بهم : لو ضاع أصلك لف إعمامة ، وأولاد الدكتورة حسنة ملص ، تلك القصيدة التي قتلت شاعرها المرحوم رحيم المالكي .
الذين تربوا في الطرقات والمقاهي والحسينيات ، قدمتهم أمريكا وايران لحكم العراق ، ومنا بدأت عملية إبادة العراقيين ، وإنقراض الدولة العراقية ، وكل مدة من الزمن ، تطالعنا أخبارهم بإدخالهم المواد المشعة لقتل العراقيين ، وهناك حديث ( أمريكي ) : عام 2025 ستكون نفوس العراق مابين 5 مليون و7 مليون نسمة .
لافرق بين عصابات داعش وعصابات المنطقة الخضراء ، لان الفكر واحد ، وإن إختلفت المسميات ، لان مرجعيتهم واحدة وهي ( ابو ناجي ) .
قبل ظهور داعش لترتكب جرائمها ، إرتكبت نفس الجرائم من قبل مليشيات الدين السياسي في كل مناطق العراق ، وأتحدى اي شخص ، أن يأتيني بجريمة لداعش ، لم ترتكبها المليشيات التابعة لاحزاب إيران .
الصراع بين الصفويين والعثمانين ليس جديدا في العراق ، لكنه اليوم إتخذ طرقا جديدة ، للتفنن بالقتل ، ودخل عليه العامل الغربي .
اسوأ شيء هو التبرير للجرائم ، التبرير الذي يمارس ، لحجب الحقائق وتعطيل عقل الانسان ، لتقديم عقائد وسياسات منحرفة ، ومنذ متى بنت العقيدة الاوطان وعمرت البلدان ؟.
الدول التي تقدمت ونحن نهرب إليها ، لم تتقدم وتعيش وتحيا الحياة الكريمة ، الا بعد أن تخلصت من سلطة الكنيسة وصكوك الغفران ، ونحن اليوم في كل المنطقة العربية نعيش زمن سلطة الكنيسة .
لعبت العشائر والعمائم دورا سلبيا في تدمير العراق ، ومسخ هوية الانسان ، وقتل فطرته وإنسانيته ، وللاسف هناك من يدافع عنهم ، ومشروع شيخ العشيرة ورجل الدين ، هو مشروع بريطاني ، تحدثنا عنه في مقالنا ( حيرة الهوية ) .
كتاب لعبة الشيطان لروبرت دريفوس ، يكشف دور بريطانية في تقديم الاسلام السياسي وحركاته ، خدمة لمصالحها ، وهناك كتابات تحدثت عن هذا الدور كثيرة ، ونحن اليوم في العراق والمنطقة العربية ، نعيش هذه الحالة الكارثية .
اللحظة التي نعيشها ، تكشف عورات أبناء بريطانية ، وإتضح للعالم أجمع أن أحزاب المحاصصة في العراق ، أعداء الانسانية ، ولايختلفون عن داعش ، وربما أن الفاسد الذي يسرق المال العام ، تكون مرتبة جرائمة قبل داعش ، لانه يقتل بالجملة .
أين هو التداول السلمي للسطلة ، وأين فصل السلطات الثلاثة ، وأين هو القضاء المشتقل العادل ؟.
أين هو الدستور الذي يحرصون عليه ، وهل فيه محاصصة ( سني وشيعي وكردي ) ؟.
وهل الديمقراطية تلتقي مع حكم ديني ؟.
الديمقراطية على ظهر رجل دين ، كما يقول المثل العراقي ( سرج على هايشة ) .
هل سيتسلل ( مرسي أبو إسماعيل ) العراقي إلى غرفة أبناء بريطانية في المنطقة الصفراء ، ليحمل أسلحة مليشياتهم وملابسهم ، ليتقدم المتظاهرون العزل لتطهير العراق منهم ؟.
وهل سيتدخل العمدة ( سفير ايران وامريكا ) للعب دورا ما بعد خروج ( أبو إسماعيل ) من الحجرة ؟.
ثمن الحرية باهض وصعب جدا أن يقف شعب أنهكه حصار وحروب ، أمام جبروت الغرب وشركاته النفطية ، ,امام جبروت شرطي المنطقة ولي الفقيه .
الحكم الذي قدم للعراقيين بعد صدام حسين ، هو المثال الاموي والعباسي التسطلي فقط ، المتمثل في الاسراف والبذخ ، وسياسات التجويع والحكم الوراثي ، الذي أصبح مقره بيت طارق عزيز ، الذي تحرسه المليشيات ، وبلاك ووتر والمخابرات الدولية ، والاقمار الصناعية الغربية ، طائرات الاواكس ، وعلى أبوابه ومداخله السجاد الاحمر ، ليطأه إبن الحكيم ، وحفيد من دخل العراق بعد تبديل لقبه ، بمشورة بريطانية ، وهو حافيا ، يعتاش على صلاة الاستئجار ، ليتحول الى إمبراطور مالي .
شركة فلاي بغداد ، وغيرها ، ووسائل الاعلام للغلام ، كلها مسروقة من دماءنا ، من قوت الايتام الارامل والجياع ، والذين ماتوا في البحار والمحطيات ، وماتوا في الصحراء ، والذين هرلوا خلف سيارات الازبال ، وهم يشاهدون لهب أبار النفط والغاز فوق رؤوسهم يخرج حتى عنان السماء .
الاحتلال وأبناءه لايتركون أحدا في البلد المحتل إلآ وسحقوهم بأحذيتهم ، مخلفاتهم ملايين الايتام والارامل والنازحين .
الهروب الجماعي الى المجهول ، حتى وإن غرقوا في البحار ، فهو أفضل من العيش مع الحكومات الظالمة .
يجب أن لاتستسلم الشعوب للطغاة ، والباطل دائما مهزوم وضعيف ، ولو دامت لغيرهم لما أتت إليهم ، وقبلهم في هذه المحميات عاش علي حسن المجيد وبرزان التكريتي وغيرهما .
قريبا يا فقراء العراق ، وماتبقى من العراقيين ، سنشهد نهايتهم .