سياسيون عملاء بصفحات بيض

 

  بين مدة وأخرى يلتفت بعض الكتاب والمؤرخين والباحثين الى ضرورة اعادة كتابة التاريخ السياسي للعراق الحديث بعيدا عن التسييس والتزييف والتزلف، ومبعث الدعوة هو أن ما كتب في سنوات سابقة من عمر العراق لم ينصف شخصيات بارزة ادت دورا مهما في الحياة السياسية لكنها وصمت بالعمالة مرة والشعوبية مرة اخرى.

 

يعتقد الكثير من الباحثين أن لا سند قانونياً او موضوعياً أعتمد في الصاق التهم بشخصيات عراقية مهمة وتشويه صورتها السياسية والأجتماعية بشكل يقدمها لجمهور القراء من الأجيال الحالية والمقبلة على إنها كانت عميلة مرتبطة بجهات خارجية أو إنها لم تك مؤمنة بالأطار القومي العربي وغيرها من التهم الغريبة العجيبة.

 

لو تصفحنا المكتبة الوطنية العراقية والعربية لوجدنا تناقضاً فضاً في جملة من الكتب السياسية الصادرة في أوقات مختلفة من العصر الحديث وبالتحديد منذ اعلان الدولة العراقية، فتجد كتباً تمجد وأخرى تذم هذه الشخصية أو تلك، مثال ذلك نوري السعيد باشا الذي تولى رئاسة الوزراء اربع عشرة مرة في زمن مملكة العراق.

 

وأنا أقرأ كتاب شقاوات بغداد لمؤلفه سعد محسن خطرت في بالي أهمية التذكير بموضوع الدعوات الخجول لأعادة كتابة تأريخ العديد من الشخصيات العراقية التي ظلمت لأسباب سياسية وقيل عنها ما ليس في خصائصها ، كتاب شقاوات بغداد تناول جوانب من التأريخ القريب أيام ظهور الشقي الذي كان ينصر الضعيف والفقير في منطقته بوجه المتجبرين وأحياناً أجهزة الحكومة وشرطتها، وتناول أمثلة كثيرة عن جوانب أنسانية فريدة في قصص وحكايات الشقاوات وكيف كان يتعامل معهم الباشا نوري.

 

لا اريد هنا أن اركز على الكتاب الممتع للصديق سعد محسن، حيث سنأتي الى عرضه في وقت آخر بقدر أستنباط الفكرة وإعادتها الى الواجهة. علمت من أحد الأصدقاء المشرفين على رسالة دكتوراه لأحد الباحثين أنهما تناقشا في كتابة الحياة السياسية للباشا نوري السعيد كشخصية وطنية فذة ادت دورا ريادياً في تاريخ العراق السياسي لما لها من دور وطني مخفي في أزدهاره وتطوره.

 

ومن المؤكد إن نوري السعيد والزعيم عبد الكريم قاسم وغيرهما من الشخصيات السياسة العراقية المثيرة للجدل جديرة بالبحث العميق والدراسة المتأنية لأنصافها مما وصمت به من صفات تنفيها الحقائق والأفعال والنتائج، على الصعيد الشخصي عانيت كثيرا من اللبس والتشويه الذي أعتمده عدد من الكتاب في تناولهم لشخصيات مهمة، كذلك الأغفال والتهميش لشخصيات أخرى تركت آثارا واضحة في تأريخ العراق لكنها لم تحظ بالأهتمام الكافي فيما نجد إسفافاً واضحاً ومقصوداً وتركيزاً على من لا يستحق ما حظي به من الأهتمام، ويقودنا الحديث ايضا الى التناقض الواضح في تناول شخصية معينة من اوجه عدة دون ان يتكمن القارئ من بلوغ الحقيقة التي يبحث عنها.

 

ربما حان الوقت لأثارة مثل هذا الموضوع وأغنائه بمزيد من البحث الموضوعي والأكاديمي وهو ما قد يصح أن نسميه أعادة لكتابة تأريخ سياسي تعرض للتشويه والتزييف لسبب وآخر.