المستشفيات الحكومية.. ما بين شحة الأدوية والأجهزة الطبية الحديثة وغياب النظافة!


يعاني المواطنون من تدهور مستوى الخدمات الصحية في المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية عازين ذلك "إلى ضعف الرقابة الصحية على هذه المؤسسات. فضلا عن شحة الأدوية وخاصة للأمراض المزمنة والسرطانية، فبالرغم من انفتاح العراق التجاري والاقتصادي على دول العالم، إلا ان مستشفياتنا ما زالت على حالها، بل لم نر بناء مستشفى جديدا يخدم التخصصات المرضية النادرة والمستعصية وخاصة لأمراض السرطان الذي انتشر بشكل كبير بين العراقيين نتيجة الحروب التي شنتها امريكا على العراق واستخدام الاسلحة المنضبة باليورانيوم...

فالتوسع السكاني من المفترض ان يقابله زيادة في المستشفيات والمراكز الصحية إلا ان ذلك لم يحدث، فمافيات الفساد التي تعشعش في وزارة الصحة هي وراء تلكؤ عقود توريد الادوية، فضلا عن المعاملة غير الانسانية التي يتلقاها المرضى والمراجعون على حد سواء. المستشار تابعت الملف الصحي وخرجت بالتحقيق الآتي:

شحة الأدوية

عن هذا الموضوع تقول المواطنة تغريد ياسين: لقد تعرضت لإصابة بالمرارة فذهبت إلى المستشفيات الحكومية لأجدها بحال يرثى لها لكثرة المراجعين وتفشي الرشاوى والنقص في مواد التخدير بالإضافة إلى كون صالة العمليات تحجز في بعض الأحيان، لذلك قررت أن أشتري راحة البال وأشتري كرامتي قبل كل شيء فذهبت إلى إحدى المستشفيات الأهلية فخضعت إلى العملية، فهل يعقل ان مستشفياتنا الحكومية عاجزة عن توفير مستلزمات عملها، لكن مع الاسف لا حياة لمن تنادي. وفي مستشفى مدينة الطب / وحدة العلاج الكيميائي التقينا المريض مزهر خلف الذي تحدث قائلا: ان الاصابة بمرض السرطان قد انهكت جسمي، وقد اجريت عملية لاستئصال الورم، وبعدها احالوني للعلاج الكيميائي، وبالفعل تناولت جرعتين ومن ثم جئت لغرض الجرعة الثالثة اخبروني بعدم وجود علاجات للمرضى حاليا واستمر الحال لأكثر من شهرين ومن ثم عاودت العلاج ومرة اخرى تفاجأت بعدم توفر العلاج مرة ثانية، وهنا التساؤل: مَن وراء شحة الادوية وكيف نصبر على عدم اخذ العلاج خاصة نحن اصحاب مرض خطير ويجب الالتزام بمواعيد العلاج؟ كما ان وزارة الصحة لديها موازنة لغرض شراء الادوية فمن يقف وراء شحة العلاج؟

موعد 3 أشهر لإجراء عملية

أما المواطن خالد حاتم فيقول: مازالت مستشفياتنا كما ألفناها فبناياتها قديمة وأدواتها مستهلكة وكثيرة العطلات تفاجئ المريض وتسبب له الشعور بالإحباط وتدفعه إلى أن يقصد المختبرات أو عيادات الأشعة والسونار الخاصة المرتفعة الأسعار. ومستشفياتنا تعاني عجزا في الخدمات فحين تزور أي مستشفى تجد أمام غرفة الطبيب يتجمهر أكثر من خمسين مريضا والغرفة فيها طبيب أو اثنين مما يضطر الطبيب فقط الى طرح الأسئلة والفحص السريع، ولا ندري أين يذهب خريجو كليات الطب ولم لا تكون أكثر من غرفة تضم أكثر من طبيب، أما الدواء فمستشفياتنا تعاني نقصا حادا بالأدوية فالطبيب يكتب لك دواءً وحين تذهب لصيدلية المستشفى يقولون لك "غير موجود اشتريه من خارج المستشفى".

ولا ندري ما الحكمة في أن يكتب الطبيب دواءً غير متوفر وما الذي يفعله من لا يملك المال اللازم لشرائه من الصيدليات سوى أن يضطر لتركه فليس كل شخص لديه الإمكانية المادية خاصة إن الأدوية أصبحت أسعارها غالية وبعضها بأثمان خيالية.

المواطنة ازهار ياس تقول عن هذا الموضوع: لقد اصبت بضرر في شبكية العين وعند مراجعة الطبيب، اخبرني بضرورة اجراء عملية وبالسرعة الممكنة. إلا انني لا املك المال لأجري العملية في المستشفى الخاص لذلك لجئت الى مستشفى ابن الهيثم وقد حددوا موعدا للعملية بعد ثلاث اشهر، وعند مناشدتي لتقديم موعد العملية اخبروني بأن هناك مرضى ينتظرون الدور منذ شهرين، فما ذنبي واين اذهب وحالتي تسوء يوما بعد اخر؟

عدم وجود آلية للتعامل مع الحالات الطارئة

يقول الممرض الصحي احسان صادق (يعمل في مستشفى حكومي): ارتفعت في الآونة الأخيرة وتيرة الشكوى من تأخر المواعيد في العيادات الخارجية والمستشفيات الحكومية، لتزيد الحالات المرضية للمراجعين تفاقماً، وتتسبب في إحساسهم بالمعاناة فوق معاناتهم جرّاء ما يعانونه من أمراض وحالات صحية حرجة في كثير من الأحيان، ما أدى إلى تذمّر المرضى من مواعيد الانتظار الطويلة التي قد تصل إلى اشهر من أجل اجراء عملية جراحية، فهناك نقص الحاد في الأسرَّة، ورداءة عربات نقل المرضى وعدم وجود آلية منطقية للتعامل مع الحالات الطارئة، وكذلك عدم وجود خصوصية في غرف التنويم لحالات الولادة، وإيجاد آلية منظمة للحالات الطارئة والحالات التي تصل بالإسعاف، وهذا ناتج عن الفساد الاداري والمالي في المؤسسات الصحية. من جهتها تقول المراجعة (أم محمد): إنني أعاني من شلل سفلي وأعتبر مقعدة وأستغرب أن ليس هناك على الأقل تقدير لوضعي، فالمواعيد التي يمنحونني إياها بعيدة جداً تصل إلى 3 أشهر، وتضيف: المعاناة الأكبر تأتي من التأخر في نفس اليوم الذي فيه الموعد، حيث نجلس بالساعات ننتظر، رغم أننا نأتي في الموعد الذي تم تحديده لنا، حتى تعودنا على ذلك وأصبح من الطبيعي أن يكون هناك تأخير .

معاناة لا تنتهي

من جهته يقول المريض محمد الشمري: أن المريض إذا لم يجد الكشف المبكر على حالته، فإن ذلك قد يسبب له مضاعفات، مضيفاً: أن كثيرا من المرضى لا يملكون الإمكانات التي تساعدهم على الذهاب إلى المستشفيات الخاصة وتحمل تكاليفها العالية، وهم مجبرون أمام عجزهم المادي أن ينتظروا دورهم في هذه المواعيد التي تصل في بعض الأحيان إلى أكثر من شهرين، متحملين آلامهم ومعاناتهم مع المرض، مؤكدا: أن المشكلة في غالب الأحيان أنه حتى عندما يأتي في الموعد الذي حدد له بعد شهور، يجد أنه يدخل في موعد آخر للمراجعة بعد شهور أيضاً، ومثل هذه المواعيد الطويلة قد تكون محتملة على مضض إذا كان المرض يقبل التأجيل والصبر، مشيراً إلى أن الأمر أصبح أشبه ما يكون حكماً بالموت إذا كان المريض يعاني مشكلة صحية خطيرة. وتستمر جولتنا لنلتقي صائب غازي مراجع في مستشفى الكندي يقول: ان المواطنين يأتون للمستشفيات الحكومية للعلاج بالمجان وهذا غير حقيقي؛ فالمريض يضطر لشراء مستلزمات يحتاجها الطبيب غير موجودة بالمستشفى مثل الادوية التي يحتاجها المريض بعد العملية الجراحية او بعد رقوده في المستشفى، أي أن الخدمة المجانية الحقيقية الوحيدة الموجودة فى المستشفى هو الكشف الذى يجريه الطبيب، والذى يكون فى معظم الوقت سريعا للتخلص من الأعداد التي تكتظ بها ممرات المستشفى.