حول انفلات الاوضاع في مخافرنا الحدودية

ليس مفاجئا ان تتدفق الحشود المليونية مع اقتراب زيارة الاربعين لمرقد الامام الحسين بن علي في كربلاء، كما هو متعارف عليه في السنوات السابقة، وعادة ما يسبق تلك الزيارات الموسمية تشكيل غرفة عمليات من مختلف الجهات الرسمية والدينية من اجل انجاح تلك المناسبة الكبرى. وبناءا على ما حصل في السنة الماضية فان الجهات الحكومية اعلنت انها اتخذت تدابير خاصة هذا العام قبيل الزيارة من اجل عدم تكرار ما حصل حينما اجتازت الامواج البشرية المنافذ الحدودية مع الجارة ايران دون اكمال الاجراءات الرسمية واستيفاء الرسوم. لكن رغم جميع تلك الاستعدادات التي كلفت العراق اموالا طائلة تكررت للأسف الشديد مرة اخرى تلك الظاهرة وتدفقت حشود الزائرين الايرانيين بأعداد هائلة دون اكمال الاجراءات الخاصة المتعارف عليها.
ومع ان وزارة الداخلية العراقية اصدرت بيانا شديد اللهجة ادانت فيه ما حصل وحمّلت الجانب الايراني مسؤولية الانفلات الذي حدث في المنافذ الحدودية مع ايران الا ان ذلك ليس نهاية المطاف فالقضية تحتاج لمراجعة شاملة وتقييم موقف حول قدرة الدولة العراقية اساسا على ادارة ملف الزائرين بشكل عام وخصوصا جزئية تدفق اللاجئين من الجارة ايران بأعداد هائلة. اعداد الزائرين تزداد يوما بعد آخر وعجز الدولة العراقية يزداد ايضا يوما بعد آخر وهذا ما يوجب مراجعة شاملة لتلك المناسبة الموسمية. نعم المواطنون العراقيون قاموا بموقف مشرف في هذه السنة وفي السنوات السابقة واستطاعوا تعويض غياب اجهزة الدولة التي يجب ان تكون حاضرة في كل مفاصل ذلك الحدث، لكن المواطن يتحمل اعباءا كبيرة وتقع عليه ايضا ضغوطات مالية واجتماعية هائلة فينبغي ايضا مراعاة ذلك. ما حصل قد حصل لا يفترض ان ننتظر تجربة مماثلة للعام القادم بل يجب العمل من الان على تلافي تلك الظاهرة السلبية.
في الختام اود ان اضيف مسألة مهمة حول ما حصل وهو ان تلك الصحيات المحقة والمطالبة بضرورة تصحيح الاوضاع بخصوص تدفق الزائرين، والتي يفترض ان تكون ضمن سياقات محددة مسبقا، مع محاسبة للمقصرين ان تلك المواقف الصادرة غالبا من قبل جماعات الضغط ليس لها علاقة بالضجيج "الطائفي" الصارخ الذي صدر مؤخرا من بعض المتاجرين "بعروبة العراق" وهم اكثر من مرّغها بالتراب. وكذلك ليس له علاقة بدموع التماسيح التي ذرفتها بعض وسائل الاعلام العربية والعراقية المحسوبة على اطراف تتنفس برئة داعشية.